فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠)) [الفرقان : ٢٥ / ٧ ـ ١٠].
ذكر ابن إسحاق وغيره أن سادة قريش كعتبة بن ربيعة وأبي سفيان بن حرب والنضر بن الحارث وغيرهم قالوا : يا محمد ، إن كنت تحبّ الرياسة ، ولّيناك علينا ، وإن كنت تحب المال جمعنا لك من أموالنا ، فلما أبى رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجعوا في باب الاحتجاج عليه ، وقالوا : مالك وأنت رسول من الله تأكل الطعام ، وتقف بالأسواق تريد التماس الرزق؟ أي من كان رسول الله فهو مستغن عن جميع ذلك. ثم قالوا له : سل ربك أن ينزل معك ملكا ينذر معك ، أو يلقى إليك كنز من الذهب تنفق منه ، أو يردّ لك جبال مكة ذهبا ، أو تزال الجبال ، ويكون مكانها جنات تجري فيها الأنهار ، فنزلت هذه الآية.
المعنى : هذه خمس شبهات أخرى حول النبي ، وجهها المشركون ، تتعارض في زعمهم مع صفة النبوة ، وهي :
١ ـ قال المشركون : لا ميزة لهذا النبي الذي يدعي الرسالة علينا ، فهو يأكل الطعام كما نأكل ، ويحتاج لما نحتاج إليه ، أي إنه ينبغي أن يكون ملكا.
٢ ـ وهذا النبي يمشي في الأسواق كما نمشي ، طلبا للتكسب والرزق ، فلا فضل له علينا ، وهو مثلنا ، فمن أين يكون تميزه علينا؟
٣ ـ وهلا أنزل عليه ملك من عند الله ، فيشهد على صدق ما يدعيه ، ويرد على من خالفه؟!
٤ ـ وهلا ألقي عليه كنز من السماء ، فينفق منه ، فلا يحتاج للتردد على الأسواق ، لطلب الرزق والمعاش؟!
٥ ـ وإن لم يكن له كنز ، فهلا يكون له بستان يأكل منه ، ويعيش من ثمراته وغلاله؟!