صرصر عاتية ، قال ابن كثير في تفسيره : والظاهر أنه اجتمعت عليهم الصيحة ، مع الريح الصرصر العاصفة القوية الباردة.
فبعدا من الرحمة وهلاكا ، وسحقا وتدميرا للقوم الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم ، وطغيانهم ، وعصيان رسولهم ، وهذا قانون الإله العادل : وهو أنه لا يعذّب إلا بحق ، ولا ينتقم إلا بالعدل ، وسنته في جميع البشر واحدة ، قال الله تعالى مبينا هذه السنة الثابتة الدائمة : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) [الزخرف : ٤٣ / ٧٦].
وفي هذا القول : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) غاية المهانة والذلة لهم ، وإظهار قدرة الله عليهم ، وإنذار السامعين أمثالهم بأن من كذب الرسول سيصيبه من العذاب مثلما أصاب هؤلاء الظالمين.
الأمم الأخرى ورسلها
على الرغم من تكذيب قوم نوح وعاد قوم هود رسلهم ، وإهلاكهم بكفرهم ، استمر العطاء والفيض الإلهي بإرسال رسل آخرين ، وإيجاد أقوام متتابعين ، كل قوم لهم تاريخهم وزمنهم ، وكل رسول له مهمة وجهود في محاولة إصلاح البشر وتقويم الاعوجاج ، وتجاوز اليأس في مسيرة التاريخ ، لينتصر الحق في النهاية ، وتعلو كلمة الدين والتوحيد فوق كل المعوقات والعراقيل ، ويندحر الباطل وجنده ، وينهزم الكفر وأشياعه. وقد تحقق ثبات الدعوة إلى وحدانية الله ، وأدرك العقلاء زيف الدعوات الباطلة إلى الشرك والوثنية ، قال الله تعالى مبينا هذه السنة الثابتة بإيجاد الأقوام والرسل في الأجيال المتلاحقة :