للحساب والجزاء ، بعد حياة الدنيا ، وقوله تعالى : (أَيَعِدُكُمْ) استفهام على جهة الاستبعاد ، وبمعنى الهزء بهذا الوعد.
ثم أكدوا نفي احتمال وقوع البعث بقولهم : ما هي إلا حياتنا الدنيا ، أي ما الحياة إلا واحدة ، وهي حياة الدنيا ، فالبعض يموت ، والبعض يحيا ، ولا إعادة ولا حشر ولا بعث ، أي لا وجود لنا غير هذا الوجود ، ولا قيامة وإنما تموت منه طائفة فتذهب ، وتجيء طائفة أخرى ، وهذا كفر الدهرية.
وبعد أن طعنوا في صحة الحشر ، بنوا عليه الطعن في نبوة هود عليهالسلام ، فقالوا : وأما هذا الرجل هود الذي يدعي النبوة ويثبت وقوع البعث ، فهو مجرد رجل اختلق الكذب على الله تعالى ، فيما جاءكم به من الرسالة والإنذار ، والإخبار بالمعاد ، ولسنا نحن بمصدقين له فيما يدّعي ويزعم.
ولما يئس هود عليهالسلام من إيمان قومه على هذا النحو المذكور ، قال داعيا ربه : ربي انصرني على قومي نصرا مؤزرا ، وعاقبهم ، وأهلك الأعداء ، بسبب تكذيبهم إياي في دعوتي لهم إلى الإيمان بك ، وتوحيدك ، وإثبات لقائك.
فأجاب الله دعاءه ، وأخبره أنه ليصيرنّ قومك بعد زمن قليل نادمين على ما فعلوا ، حين ظهور علامات الهلاك ، وإنذارهم بالعذاب ، إنهم عما قليل يندمون على كفرهم ، حين لا ينفعهم الندم.
وكان الجزاء أن أخذتهم الصيحة : وهي صوت شديد مهلك لجبريل عليهالسلام ، أدى إلى الصعقة والموت ، فأصبحوا بسبب كفرهم وتكذيبهم رسولهم صرعى هلكى ، كغثاء السيل : وهو الشيء الحقير التافه الذي لا ينتفع بشيء منه. ومن أجل ذكر الصيحة : ذهب الطبري إلى أنهم قوم ثمود ، لأن من المعلوم أن قبيلة عاد أهلكوا بريح