إنهم بهذه المقالة يستبعدون بعثة البشر ، ويتطلبون إرسال أحد الملائكة للنبوة والرسالة ، فهم تماما مثل قوم نوح الذي أنكروا نبوته تحت ستار البشرية الآدمية ، لا الملائكية العلوية.
وأقسم قوم هود لبعضهم : لئن أظهرتم الطاعة لبشر مثلكم واتبعتموه ، إنكم حينئذ تخسرون عقولكم ، وتغبنون في آرائكم ، وتضيعون مجدكم بترككم آلهتكم ، واتباعكم إياه من غير فضيلة له عليكم.
وبشرية الرسل : كانت هي الشبهة الأولى لإنكار عاد قوم هود ، ولإنكار قوم نوح قبلهم ، ولكنها شبهة واهية ، لأن أبسط مبادئ السفارة أو الرسالة الإلهية ، وغيرها أن يكون السفير أو الرسول من جنس المرسل إليه ، وليس من جنس آخر فوقه ، حتى يتحقق التفاهم على المهمة المرسل بها ، ولا يبقى لأحد عذر في اتباع هذا الرسول الذي يؤيده الله تعالى بالمعجزة الخارقة للعادة ، لتكون دليلا على صدقه في ادعائه النبوة ، كقيام المعجزة على العرب قوم النبي صلىاللهعليهوسلم وهي معجزة القرآن ، وقيام المعجزة لعيسى عليهالسلام على الأطباء ، ومعجزة موسى عليهالسلام على السحرة في عهد فرعون المتأله الجبار ، فقامت الحجة على هؤلاء وعلى جميع من وراءهم ، ومن المعلوم أن العقاب لا يتعلق بأحد إلا بعد تركه الواجب عليه ، وبعد قيام الحجة المفحمة أو المقنعة ، ولقد أعذر ، من أنذر وأقام الدليل على صحة مهمته وصدق دعوته.
وتأكد صدق الأنبياء على مدى التاريخ بآثارهم الطيبة ، في غرس شجرة الإيمان في القلوب ، وإهلاك الذين كذبوا برسالتهم ، وعارضوا وقاوموا دعوتهم.