تستحق الشكر والحمد ، والاستدلال بها على قدرة الله تعالى ، حيث يشرب الناس من ألبانها النقية ، غير المختلطة بأخلاط البطن ، وينتفعون بمنافعها الكثيرة ، من أصواف وأوبار وأشعار ، للباس والفرش ، ويأكلون من لحومها بعد ذبحها ، ويركبون على ظهورها ، ويحملون عليها الأحمال ، كالسفن التي تشق عباب البحار والأنهار.
دعوة نوح عليهالسلام إلى التوحيد
تعرضت البشرية مع الأسف الشديد لظاهرة الانحراف في العقيدة والوثنية والشرك من عهودها الابتدائية الأولى ، في عصر نوح عليهالسلام أبي البشر الثاني ، فكانت دعوة نوح القوية إلى توحيد الله ، والابتعاد عن الشرك وعبادة الأوثان ، لتتخلص الإنسانية من هذا المرض الخطير ، واستمر تذكير الناس وبخاصة قبيلة قريش في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم بمصير قوم نوح الذين كفروا وأشركوا ، فأبيدوا وأهلكوا ، وفي هذا وعيد شديد بأن يحل بهم بلاء ، مثلما حل بأولئك ، والعاقل من اتعظ بغيره ، ونوح عليهالسلام أول نبي أرسل إلى الناس ، وإدريس عليهالسلام أول من نبّئ ولم يرسل. وهذا ما أخبر به القرآن في شأن نوح وقومه :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦)) (١) (٢) (٣) (٤) [المؤمنون : ٢٣ / ٢٣ ـ ٢٦].
المعنى : تالله لقد أرسلنا نوحا عليهالسلام إلى قومه ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده
__________________
(١) أشراف القوم وسادتهم.
(٢) يترأس عليكم.
(٣) به جنون.
(٤) انتظروا.