لتفادي أهوال القيامة ، فيا أيها البشر ، احذروا عذاب الله ، بطاعته ، والبعد عن معصيته ، ثم أكد الله هذا الأمر بأمر زلزلة القيامة ، حين حدوثها ، قبل قيام الناس من القبور ، لقوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢)) [الزلزلة : ٩٩ / ١ ـ ٢]
وتلك الزلزلة : هي إحدى شرائط القيامة ، وسميت الزلزلة حين نزول القرآن شيئا ، وهي حينئذ معدومة ، لأن تيقن وجودها يجعلها شيئا موجودا ، أي هي إذا وقعت شيء عظيم ، فيكون المعنى أنها إذا كانت ، فهي شيء عظيم جدا ، والزلزلة : التحريك العظيم ، وذلك مع نفخة الفزع ومع نفخة الصعق حسبما تضمن حديث أبي هريرة من ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، ونفخة البعث. وأوصاف يوم القيامة الرهيبة هي :
١ ـ يوم تذهل الزلزلة كل مرضعة عن وليدها الرضيع. والذهول : الغفلة عن الشيء بطارئ من هم أو وجع أو خوف.
٢ ـ وتسقط الحامل جنينها من بطنها من شدة الخوف والفزع.
٣ ـ وتجد الناس كالسّكارى من الخوف ، وهم في الواقع غير سكارى من الشراب ، ولكن شدة العذاب أفقدتهم وعيهم.
ومع هذا التحذير الشديد ووصف هذه الأهوال العظام ، يجادل بعض الناس في المغيبات بغير علم ، كالمجادلة في صفات الله وأفعاله ، وقدرته على البعث وغيره ، ويتبع في جداله بالباطل خطوات كل شيطان متمرد عات ، فهو لا يجادل بالحق ، وإنما يجادل بالباطل. قال ابن جريج : نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث وأبي بن خلف. وقيل : في أبي جهل بن هشام. وكان النضر كثير الجدال ، يقول : الملائكة بنات الله ، والقرآن أساطير الأولين ، والله غير قادر على إحياء من بلي وصار ترابا.