والآية تتناول كل من يتصف بهذه الصفة ، أي الجدال بالباطل ، وهي كما قال الزمخشري في الكشاف عامة في كل من تعاطى الجدال ، فيما لا يجوز على الله ، وما لا يجوز عليه من الصفات والأفعال ، ولا يرجع إلى علم ، ولا يتّبع حجة ولا برهانا صحيحا ، فهو يخبط خبط عشواء ، غير فارق بين الحق والباطل ، وتدل الآية بمفهومها على جواز المجادلة بالحق ، وهي المجادلة مع العلم ، ومن أجل التعلم والتعرف على الحقيقة ، لقوله تعالى : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل : ١٦ / ١٢٥]. وأما المجادلة بالباطل : فهي المرادة من قوله تعالى : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) [الزخرف : ٤٣ / ٥٨].
ثم أبان الله مصير الذي يتبع الشيطان ، وهو أنه قضي على من اتبع الشيطان ، وجعله وليا ناصرا له : أن يوقعه في الضلال ، ويهديه إلى النار ، أي يدله على طريق ذلك. والمقصود أن اتباع الشيطان يؤدي إلى الضلال في الدنيا ، وإلى عذاب النار في الآخرة ، وهذا وعيد واضح لمن اتبع الشيطان ، وتحذير من الانسياق مع وساوسه وأباطيله.
بعض أدلة البعث
أقام الله تعالى أدلة كثيرة على إثبات البعث واليوم الآخر ، منها في أوائل سورة الحج خلق الإنسان ، وخلق النبات ، فالله تعالى خلق الإنسان من تراب ، كما في قوله تعالى : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ). وخلق النبات من زرع وشجر ، كما في قوله سبحانه : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً). وبعد إيراد الأدلة على قدرة الله على البعث ، لا يلتفت إلى إنكار منكر له ، ويكون الإنكار نوعا من العبث والمكابرة والعناد الذي لا يعتمد على عقل ولا فكر صحيح. قال الله تعالى مبينا موقف هذا المنكر المكابر والرد عليه :