الأول ـ الفزع إلى الله تعالى ، رغبة في ثوابه ، ورهبة من عقابه.
والثاني ـ الخشوع والإنابة : وذلك هو المخافة الثابتة في القلب. فهم في وقت تعبدهم كانوا بحال رغبة ورجاء ورهبة وخوف في حال واحدة ؛ لأن الرغبة والرهبة متلازمتان ، والرغب لتحقيق المطلوب ، والرهب لدفع المضرة.
ثم قرن الله تعالى بقصة زكريا وابنه يحيى عليهماالسلام قصة مريم وابنها عيسى عليهالسلام ، لارتباطهما بشيء مشترك ، فإن إنجاب زكريا من امرأة عاقر في سن الكبر ، أعجب منه إنجاب مريم العذراء ولدا من أنثى بلا أب ، فاذكر أيها الرسول خبر مريم بنت عمران التي حصّنت نفسها من الرجال ، وخصصت نفسها للعبادة ، فنفخ جبريل الروح الأمين في بطنها ، أي أحيا ولدا في جوفها ، وهو عيسى عليهالسلام ، وجعل الله أمر مريم وابنها عيسى وهو الحمل من غير أب آية ومعجزة خارجة عن العادة وعبرة لمن اعتبر في ذلك ، من العالمين. أي لمن عاصر الحادث فما بعد ذلك ، وذلك دليل على قدرة الله الباهرة ، فهو سبحانه على كل شيء قدير ، وإن ذكر مريم هنا وإن لم تكن من الأنبياء فلأجل عيسى ابنها النبي الرسول عليهالسلام.
وحدة الأديان السماوية
أرسل الله تعالى الرسل ، وأنزل الكتب ، لتحقيق مضمون واحد ، والوصول إلى مصير واحد ، أما وحدة المضمون : فهي الدعوة إلى توحيد الله وعبادته ، والعمل بمرضاته ، والبعد عن مساخطه ، وأما وحدة المصير : فهي عرض جميع الخلائق على ربهم في عالم الآخرة ، مما يقتضيهم التزام أمر الله ، واجتناب نهيه ، فتحقق لهم السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة ، ولا داعي بعدئذ للتفرق والاختلاف في الدين ، وهذا ما صرح به القرآن الكريم في قول الله تبارك وتعالى :