وقعت ، من غير زيادة ولا نقصان ، لتكون عبرة وعظة ، وذات فائدة في فهم ظروف الأحداث الجديدة ، وأحوال الأمة في معاداة رسولها. وقد أعطيناك من عندنا ذكرا ، وهو القرآن المجيد ، لتتذكر به على الدوام ، ولأنه لم يعط نبي من الأنبياء قبلك مثله ، ولا أكمل منه ، ولا أجمع لخبر المتقدمين غيره ، وفيه صلاح الدين والدنيا والآخرة ، ويكون المراد من كلمة (الذكر) القرآن.
وكل من كذب بالقرآن وأعرض عن اتباعه ، فلم يؤمن به ، ولا عمل بشرائعه وأحكامه ، وابتغى الهدى في غيره ، فإن هذا المعرض يتحمل إثما عظيما ، ويتعرض لعقوبة ثقيلة يوم القيامة ، بسبب إعراضه عن كتاب الله ، كما جاء في آية أخرى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) [هود : ١١ / ١٧].
والإعراض عن القرآن يشمل كل من بلغه هذا الكتاب ، من العرب والعجم من أهل الكتاب وغيرهم من الوثنيين والماديين ، وأصحاب النّحلات والملل ، والمذاهب الفاسدة ، والعقائد الباطلة.
ويكون أولئك المعرضون عن القرآن خالدين ماكثين على الدوام في الجزاء الأخروي ، وهو النار لا محيد لهم عنه ، وبئس الحمل الذي حملوه حملهم من الأوزار والأثقال ، جزاء إعراضهم.
إن يوم القيامة : هو اليوم الذي ينفخ فيه في الصور النفخة الثانية ، نفخة البعث التي يحشر الناس بعدها للحساب ، وفي هذا اليوم يجمع المجرمون أيضا : وهم المشركون والعصاة ، سود الألوان ، زرق العيون والأبدان ، كلون الرماد ، وهذا غاية التشويه والإساءة ، علامة على سوء أحوالهم ، وإنذارهم بسوء الحساب والعقاب ، وما يتعرضون له من الأهوال العظام.
هؤلاء المجرمون المحشورون على أسوأ حال ولون يتخافتون ، أي يتسارون فيما