الثالث : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ..) أي وأنزل من السحاب مطرا ، أخرج به أنواعا من أصناف النبات المختلفة ، من زروع وثمار ذات طعوم مختلفة وألوان وروائح شتى ، بعضها للإنسان ، وبعضها للحيوان ، وقوله سبحانه : (فَأَخْرَجْنا بِهِ) أي على تقدير كون الكلام من موسى ، وهو : يقول الله عزوجل : (فَأَخْرَجْنا) والراجح أنه إخبار من الله لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ، والأزواج من النبات : أي الأنواع ، وشتى : أي مختلفات.
وإذا كانت النباتات خلقها الله للإنسان والحيوان ، فكلوا منها أيها البشر ، وارعوا أنعامكم فيها ، أي هي صالحة أن يؤكل منها وترعى الغنم والمواشي فيها ، إن في ذلك المذكور لدلالات وبراهين على وجود الله ووحدانيته لأولي النهى ، أي ذوي العقول السليمة ، الناهية عن القبائح.
وهذه المنافع للأرض والسماء إنما هي وسائل إلى منافع الآخرة ، فكانت الأرض ذات منافع كثيرة ، منها خلقناكم ، أي من الأرض والتراب مبدؤكم في أصل الخلق حين خلق أباكم آدم من تراب ، ومصيركم بعد الموت إلى الأرض ، حيث تدفنون فيها وتختلط أشلاؤكم بالتراب ، وسوف نخرجكم من قبوركم في الأرض مرة أخرى بالبعث والنشور ، والغرض من هذه الآية هنا : تنزيه الرب نفسه ، وتذكير فرعون بأصله ، وأنه من تراب عائد إليه ، فلا يغتر الإنسان بدنياه وملكه ، وليعلم أن أمامه يوما شديد الأهوال ، يسأل فيه عن كل شيء ، ويحاسب على أعماله.
اتهام موسى عليهالسلام بالسحر
حينما أفلس فرعون في إيراد الحجة والبرهان على مزاعمه الباطلة من التأله وغيره ، وكذّب بكل الأدلة ، اتهم موسى بالسحر ، وطلب المبارزة مع السحرة ، وتحديد مكان اللقاء وزمن الاجتماع ، والتوجه لهذا المسار من المبارزة يدل على أن