بالجواب ، لأن موسى كان صاحب القسط الأعظم من الرسالة ، والقائم بإظهار الآيات والمعجزات الدالة على صدق النبوة.
والمعنى : إذا كنتما رسولي ربكما إلي ، فأخبراني : من ربكما الذي أرسلكما؟ ومن هذا الرب الذي بعثك يا موسى؟ فإني لا أعرفه ، وما علمت لكم من إله غيري.
أجاب موسى بقوله : ربنا هو الذي أعطى كل شيء صورته وشكله الذي يليق به ، وأوجد الآلة المناسبة لكل منفعة ، كاليد للبطش ، والرّجل للمشي ، واللسان للنطق ، والعين للنظر ، والأذن للسمع ، ثم أرشد الله ووفق إلى طريق الانتفاع بما أعطى ، فانتفعوا بكل شيء فيما خلق له ، إما اختيارا كالإنسان والحيوان ، وإما طبعا كالنبات والجماد.
قال فرعون : إذا كان الأمر كذلك ، فما بال القرون الأولى ، أي فما حال وشأن الأمم الماضية ، لم يعبدوا ربك يا موسى ، بل عبدوا غيره من الأوثان وغيرها من المخلوقات؟!
فأجاب موسى قائلا : إن كل أعمالهم محفوظة عند الله ، مثبّتة عنده في اللوح المحفوظ ، يجازي بها ، لا يخطئ الله في علم شيء من الأشياء ، ولا ينسى ما علمه منها ، فعلم الله محيط بكل شيء.
ثم ذكر موسى ثلاثة أدلة خاصة على وجود الله لا يمكن لفرعون أن يدعيها له وهي : الأول : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) أي إن ربي هو الذي جعل الأرض ممهدة كالفراش ، تعيشون فيها بيسر وسهولة ، وقرارا تستقرون عليها وتنامون على أجزائها.
الثاني : (وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) وجعل الله لكم في الأرض طرقا تسلكونها ، وسهّلها لكم لتعيشوا فيها براحة وأمان.