فأتيا فرعون ، فأعلماه أنكما رسولان إليه ، وقولا له : (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) وهذا إشارة إلى الرب الحقيقي وهو الله ، والتحقير لفرعون ، إذ كان يدعي الربوبية بما لا معنى له.
ثم أمر الله موسى وهارون بدعوة فرعون إلى أن يبعث معهما بني إسرائيل ، ويخرجهم من خدمة القبط ، أي أطلق سراحهم ، وخلّ عنهم ، ولا تعذبهم بتذبيح أبنائهم ، واستحياء نسائهم ، وتكليفهم ما لا يطيقون من السخرة في أعمال البناء والحفر ونقل الأحجار. وتعذيب بني إسرائيل كان ذبح أولادهم وإذلالهم.
لقد كانت دعوة موسى وهارون لفرعون كاملة ، تضمنت شيئين : الدعوة إلى الإيمان بالله ووحدانيته ، وإرسال بني إسرائيل. والظاهر أن رسالة موسى إلى فرعون ليست على حد إرساله إلى بني إسرائيل : (وَالسَّلامُ عَلى) على بمعنى اللام ، أي السلامة لمن اتبع الهدى.
لقد أتيناك بآية على رسالتنا وهي العصا واليد ، والسلامة والتحية والأمن من سخط الله وعذابه على من اتبع هدى ربه ، فآمن برسله ، واسترشد بآياته الداعية إلى الحق والخير وترك الظلم والضلال. وفي هذا توبيخ لفرعون وقومه ، وإشعار بأن فرعون لم يكن مهتديا إلى الصواب.
إننا قد أوحي إلينا من ربنا : أن العذاب الحق الخالص لمن كذب بآيات الله ، وبما ندعو إليه من توحيده ، وتولى عن طاعته ، وذلك كما جاء في آية أخرى : (فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩)) [النازعات : ٧٩ / ٣٧ ـ ٣٩]. وقوله تعالى : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)) [الليل : ٩٢ / ١٤ ـ ١٦].
هذه المهام في رسالة موسى وأخيه هارون إلى فرعون وقومه ، في غاية الوسطية