ـ وأوصاني ، أي أمرني بأداء الصلاة التي تصل العبد بربه ، وبإيتاء الزكاة التي هي طهرة للمال ، وعون للفقير والمسكين ، ما دمت على قيد الحياة.
ـ وجعلني بارا بوالدتي مريم ، وأمرني ببرها وطاعتها والإحسان إليها بعد طاعة ربي ؛ لأن الله كثيرا ما يقرن بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين. وهذا أيضا دليل واضح على نفي الزنا عنها ، إذ لو كانت زانية لما كان الرسول المعظم مأمورا بتعظيمها. وقوله : (بوالدتي) بيان لأنه لا والد له ، وبهذا القول برّأها قومها.
ـ ولم يجعلني الله جبارا شقيا ، أي متعاظما مستكبرا عن عبادة ربي وطاعته وبر والدتي ، فأشقى بذلك.
ـ والسلام علي ، أي والسلامة والأمان علي من كل سوء ، يوم الميلاد ، فلم يضرني الشيطان في ذلك الوقت ، ولا أغواني عند الموت ، ولا عند البعث ، فأنا في أمان لا يقدر أحد على ضري في هذه الأوقات الثلاثة. وهذه الصفة أيضا إثبات منه لعبوديته لله عزوجل ، وأنه مخلوق ، من جملة خلق الله ، الذي يحيا ويموت ويبعث كسائر الخلائق ، ولكنه موصوف بالسلامة في هذه الأحوال التي هي أشق ما يكون على العباد.
وفي قصص هذه الآية ـ عن ابن زيد وغيره ـ أنهم لما سمعوا كلام عيسى عليهالسلام ، وهو في المهد ، أذعنوا ، وقالوا : إن هذا لأمر عظيم.
وروي أن عيسى عليهالسلام إنما تكلم في طفولته بهذه الآية ، ثم عاد إلى حالة الأطفال ، حتى نشأ على عادة البشر.