لا يقدر عليه أحد إلا الله ، عملا بمقتضى الأدب ، الذي؟؟ يقضي بإسناد الخير إلى الله ، والشر إلى العباد.
وكان الكلام الأخير للخضر قرارا حاسما ، يلقي الطمأنينة والسكينة في قلب موسى عليهالسلام ، ومضمونه : أن الخضر لم يفعل هذه الأمور الثلاثة باجتهاد ورأي شخصي ، أو تجرؤ على المخالفة ، وإنما فعل ذلك بأمر الله وإرشاده وإلهامه ؛ لأن الاعتداء على المال والنفس والقيام بإصلاح الجدار مجانا ، إنما كان بدليل قاطع ، وهو الإلهام الذي هو أشبه بالوحي ، وذلك هو تفسير ما ضاق صبر موسى عنه ، ولم يطق السكوت عنه ، ولكن موسى عليهالسلام بعد بيان سبب تلك الأفعال ومعرفة الحكمة فيها ، اطمأن قلبه ، وهدأ غضبه ، وزال ما ثار في نفسه من ضرورة إنكار المنكر في ظاهر الأمر ، والله هو الموفق إلى سواء الصراط.
قصة ذي القرنين وبلوغه المشرقين
فيما قبل الميلاد ، كان هناك رجل صالح أعطاه الله ملكا واسعا فبلغ مشرق الشمس ومغربها ، وهو الملقّب بذي القرنين أي صاحب الضفيرتين من الشعر ، وهو كالخضر لم يكن نبيا ، وقد ذكر الله تعالى قصته بعد إيراد ثلاث قصص في سورة الكهف ، كانت مثار إعجاب واستغراب معا في توقعات البشر ، ولكنها هينة سهلة في تقدير الله وقدرته. وتضمنت قصته إيراد ثلاثة أحداث عجيبة ، أذكر هنا منها حدثين ، قال الله تعالى :
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ (١)
__________________
(١) ملك صالح أعطي العلم والحكمة.