متى هذا البعث والإعادة ، كما في آية أخرى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨)) [الملك : ٦٧ / ٢٥].
قل أيها النبي لهم : عسى أن يكون وقت البعث قريبا ، فإنه سيأتيكم لا محالة ، فكل ما هو آت قريب ، كما قال الله سبحانه : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧)) [المعارج : ٧٠ / ٦ ـ ٧].
ويكون ذلك البعث الحتمي يوم يدعوكم الرب تبارك وتعالى من قبوركم بالنفخ في الصور لقيام الساعة ، فتستجيبون له من القبور ، حامدين طائعين ، منقادين بالقيام والعودة والنهوض نحو الدعوة والداعي ، إجابة لأمره سبحانه ، وطاعة لإرادته ، وتحسبون عند البعث أنكم ما لبثتم في الدنيا إلا زمنا قليلا ، فقوله تعالى : (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) معناه : بأمره ، كما قال ابن عباس وابن جريج ، وقال قتادة : بطاعته ومعرفته. وهذا مبالغة في انقيادهم للبعث. والواقع أن المراد من الحمد هنا : هو إعلان الحمد على صدق الحادث وهو القيامة ، أي تقومون من القبور ، بخلاف ما تعتقدون الآن ، وذلك بحمد الله تعالى على صدق خبره وإعلامه نبيه بوجود البعث.
الأسلوب الأفضل في الجدال
المسلمون أصحاب حق ، ودعوة سامية ، ورسالة شاملة للبشرية جمعاء ، وهذا يقتضيهم أن يسعوا الناس بأخلاقهم اللطيفة ، وأقوالهم الحسنة ، ومعاملاتهم الطيبة ؛ لأن من شأن الداعية الناجح أن يكون على جانب عظيم من الحلم والعلم واللين واللطف ، ولأن للكلمة الطيبة جاذبية وسحرا يؤثران في القلوب ، فإذا انضم إلى ذلك الفكر الصحيح ، والعقل السديد ، والرأي الحكيم ، أدّى إلى إقناع المخاطب ، وتحقّق