تابوا وأقلعوا عن المعاصي ، فإن عادوا إلى الإفساد والعصيان في مرة ثالثة ، أعاد الله عليهم تسليط الأعداء ، وإنزال العقاب بهم ، بأشد مما مضى سابقا ، مع ادخار العذاب لهم أيضا في الآخرة.
والله تعالى جعل جهنم للكافرين مستقرا وسجنا لا محيد عنه ، كما جعلها مهادا ومستقرا لهم ، ومحطة تشوى فيها جباههم وجنوبهم وظهورهم ، وهذا تصوير لشمول العذاب لهم ، كما جاء في آية أخرى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٧ / ٤١] أي أغطية.
وتكون العبرة في سرد وقائع التاريخ الإسرائيلي في القرآن واضحة ، وهي أن التنكيل والعذاب شأنهم في الدنيا إذا أدمنوا الفساد والإفساد ، والإنقاذ والرحمة كغيرهم يشملهم إذا استقاموا على طاعة الله والتزموا أوامره.
الغاية من إنزال القرآن
لكل شيء حكمة وغاية ، وأفعال الله تعالى تهدف إلى تحقيق غاية ، وترشد إلى مصلحة ، وتدعو إلى ما فيه خير ، وتمنع كل ما هو شر ، وإنزال القرآن الكريم والدعوات الإلهية والرسالية أو النبوية من أجل تحقيق غايات كبري وأهداف سامية ، لمصلحة البشرية جمعاء ، وللمسلمين والمسلمات بصفة خاصة ، وأهداف القرآن : عامة وخاصة ، وعمومها : الهداية للطريق التي هي أقوم ، وخاصة : تبشير الطائعين بالجنة ، وإنذار العصاة بالنار ، قال الله تعالى مبينا هذه الأهداف :
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ