هذه الآية نزلت في الإذن للمنافقين ، وكان الأولى من النبي تركه ، مثل قبوله الفداء من أسرى بدر.
لا يستأذنك أيها الرسول في القعود عن الجهاد أحد من الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ، بل يقدمون على الجهاد من غير استئذان ؛ لأنهم يرون أن الجهاد قربة وسبيل إلى الجنة ، فليس من شأن المؤمنين الصادقين أن يستأذنوك في الجهاد ، والله خبير بمن خافه واتقاه ، باجتناب ما يسخطه ، وفعل ما يرضيه. هذه الآية تبين منزلة المؤمنين وتميزهم عن المنافقين ، لذا جاءت الآية بعدها توضح هذا الفرق الجوهري.
فإذا كان أهل الإيمان لا يستأذنون لترك الجهاد عادة ، فإن الذي يستأذنك في التخلف عن الجهاد من غير عذر ، إنما هم المنافقون الذين لا يصدقون بالله واليوم الآخر ، ولا يرجون ثواب الله في الدار الآخرة على أعمالهم ، وشكّت قلوبهم في صحة ما جئتهم به ، فهم في شكهم أو ريبهم يتحيرون ، ليس لهم ثبات على شيء ، فهم قوم حيارى هلكى. روي أن عدد هؤلاء المنافقين المستأذنين كذبا كان تسعة وثلاثين رجلا. نسأل الله تعالى أن يثبت الإيمان في قلوبنا ، وأن يحببنا في الجهاد لقمع العدوان وتحقيق العزة والمكانة اللائقة بنا.
تخلف المنافقين عن تبوك بغير عذر
ليس في منهج القرآن المجيد اتهام أحد بغير سبب أو عذر ؛ لأن القرآن شريعة الحق والعدل والإنصاف ، والله سبحانه يغفر ويرحم ، ولكنه يمهل ولا يهمل ، ويترك الفرصة لعباده أن يتوبوا ويصلحوا أنفسهم ، ويحاسب دائما بعد إيراد الأدلة والبراهين وأسباب الطاعة والعصيان ، قال الله تعالى مبينا هذا المنهج في مناسبة بيان كون تخلف المنافقين عن غزوة تبوك بغير عذر صحيح :