الله ، معتمدين على أن النصر من عند الله. والمواطن الكثيرة : غزوات الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهي ثمانون موطنا ، أو أقل من ثمانين في رأي بعضهم. وكان النصر فيها كلها من عند الله تعالى ، إما نصرا كاملا وهو الأكثر ، وإما نصرا جزئيا ، للتربية والتعليم ، كما حدث في معركة أحد ، حينما تحقق النصر في بداية المعركة ، والهزيمة في نهايتها ، حينما خالف جماعة من الصحابة أوامر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتركوا جبل الرماة ، وكما حدث في حنين حينما اعتمدوا على الكثرة العددية ، وغاب عنهم أن الله هو الناصر ، لا كثرة الجنود ، فانهزموا. وحنين : واد بين مكة والطائف ، قريب من ذي المجاز ، على ثلاثة أميال من الطائف. ونصركم الله أيضا في يوم حنين حين أعجبتكم كثرتكم فيه ، إذ بلغتم اثني عشر ألفا ، وكان الكافرون أربعة آلاف فقط ، ففي بدء المعركة وقعت الهزيمة عليكم ، لاعتمادكم على أنفسكم ، واغتراركم بقوتكم ، وترككم اللجوء إلى ربكم واهب النصر ، فلم تغن عنكم كثرتكم شيئا من قضاء الله ، وضاقت عليكم الأرض بما اتسعت من الخوف ، ثم وليتم مدبرين منهزمين ، ثم نصركم الله في نهاية الأمر حين اتكلتم على ربكم وثبتم في المعركة. حدث اقتتال شديد يوم حنين ، فانهزم المسلمون في بداية الأمر أمام ثقيف وهوازن ، حينما كمنت هوازن في وادي حنين ، ثم بادروا المسلمين بالقتال ، وحملوا حملة رجل واحد ، كما أمرهم سيدهم ، فولى المسلمون مدبرين.
وثبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو راكب يومئذ على بغلة شهباء ، ثم نزل عن بغلته حينما رأى شدة الحال ، واستنصر الله عزوجل قائلا : «يا رب ائتني بما وعدتني» وأخذ قبضة من تراب وحصى ، فرمى بها في وجوه الكفار ، وقال : «شاهت الوجوه» ونزلت الملائكة لنصره ، ونادى : «يا للأنصار» وأمر الرسول العباس أن ينادي : أين أصحاب الشجرة؟ أين أصحاب سورة البقرة؟ فأجابوه : لبيك لبيك ، ورجعوا إليه عنقا واحدا ، أي جماعة واحدة ، وثبت معه من أصحابه قريب من مائة ، وقال : «الآن حمي الوطيس» أي استعرت الحرب ، وقاتلوا صفا واحدا ، فانهزم المشركون.