الغنيمة نفلا ؛ لأنها زيادة على القيام بالجهاد وحماية الدين والدعاء إلى الله عزوجل. ومعنى الآية : يسألك الناس أيها الرسول عن حكم الأنفال لمن هي وكيف تقسم؟ فقل لهم : إن حكمها لله أولا يحكم فيها بما يريد ، ثم للرسول يقسمها بينكم كما أمر الله ، فأمرها مفوض إلى الله ورسوله ، ثم جاء تبيان تفصيلي لمصارف الغنيمة في آية أخرى وهي : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) [الأنفال : ٨ / ٤١] أي إن الخمس لهؤلاء المحتاجين المذكورين في هذه الآية ، والأربعة الأخماس الباقية للغانمين ، أما اليوم بعد تنظيم الجيوش النظامية ودفع رواتب دائمة للجند ، فتكون الغنائم للدولة.
وإذا كان أمر الغنائم لله ورسوله ، فاتقوا الله سبحانه في أقوالكم وأفعالكم ، وأصلحوا ذات بينكم من الأحوال حتى تتآلف النفوس ، وأطيعوا الله ورسوله في الغنائم وغيرها من كل أمر أو نهي ، أو قضاء وحكم.
هذه الأمور الثلاثة : تقوى الله ، وإصلاح ذات البين وإطاعة أوامر الله ورسوله يتوقف عليها صلاح الجماعة الإسلامية ، إن كنتم مؤمنين ، أي مصدقين كلام الله وكاملي الإيمان ، فإن التصديق يقتضي الامتثال ، وكمال الإيمان يوجب هذه الخصال الثلاث.
ثم ذكر الله تعالى صفات المؤمنين بحق الذين يلتزمون هذه الخصال الثلاث ، هذه الصفات هي :
١ ـ الذين إذا ذكر الله أمامهم خافت قلوبهم ، وامتلأت خشية لجلاله وعظمته ، وهابت وعيده وتذكرت وعده للمحسنين أعمالهم.
٢ ـ والذين إذا قرئت عليهم آيات القرآن ، زادتهم إيمانا وتصديقا ، وإقبالا على العمل الصالح ؛ لأن كثرة الأدلة والتذكير بها يوجب زيادة اليقين وقوة الاعتقاد.