ورتب على هذا البيان الدعوة العلنية الصريحة إلى الإيمان ، أي التصديق بالله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، في ربوبيته وألوهيته ، والتصديق برسوله النبي الأمي الذي بعثه ربه إلى الخلق من الإنس والجن أجمعين. إن هذا النبي هو الذي يؤمن بوحدانية الله وكلماته التشريعية التي أنزلها الله عزوجل لهداية البشر ، وكلماته التكوينية الدالة على قدرته وإرادته وحكمته ، ويصدق قوله عمله ، ويؤمن بما أنزل إليه من ربه ، مما تضمنته الكتب الإلهية من التوراة والإنجيل والقرآن من أحكام وإرشادات وأدلة على وجود الله تعالى ووحدانيته وقدرته.
وهذا الأمر بالإيمان بالله ، أتبعه بالأمر بالإسلام ، أي اتبعوا منهج هذا النبي ، واسلكوا طريقه في كل ما جاء به ، لتهتدوا إلى الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه ، أو رجاء أن تهتدوا بالإيمان واتباع الشرع ، إلى ما فيه سعادتكم في الدنيا والآخرة.
الحق في هذا القرآن ، والخير في هذا الدين ، والسعادة باتباع شريعة خاتم النبيين ، وبمقدار الالتزام بالشريعة يكون النجاح في الدنيا والآخرة. وإن من أهم مقومات عموم رسالة الإسلام ترفعها عن العصبية والقومية والحقد الطائفي ، وكونها ذات نزعة إنسانية شاملة تبغي الخير للجميع ، وتنشد السعادة لجميع البشر ، ليعيشوا في أمان وسلام ، وحبّ واستقرار ، وتعاون وإخاء ، وتقدم وتحضر شامل.
نعم الله على قوم موسى عليهالسلام
إن منهاج الهدي الإلهي في التربية الترهيب أحيانا ، والترغيب والتذكير بنعم الله أحيانا أخرى ، فالغافل يستيقظ ، والمقصر يتذكر ، والمخالف أو المعرض يتنبه ، والكل يعملون في حقل الإرشادات الإلهية لتحقيق الخير لهم ، وإشاعة الود والمحبة والأخوة في ربوعهم ، وأما المستقيم فيزداد استقامة ، ويبادر إلى شكر الله تعالى على ما أنعم