صلىاللهعليهوسلم للناس كافة ، يدعوهم فيها إلى الإيمان به وبشريعته ، وأن كل من يتبعه تشمله تلك السعادة. وهذا ليس مجرد إخبار ، بل إنه أمر من الله عزوجل لنبيه بإشهار الدعوة والحض على الدخول في الشرع الإلهي ، لأن متبعيها أهل لرحمة الله وتكريمه كما ذكر في آية سابقة : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ).
والمعنى : قل : يا محمد لجميع البشر من عرب وعجم ، بيض أو سود ، حمر أو صفر ، إني رسول الله إليكم جميعا ، لا إلى قومي العرب خاصة ، وعموم رسالتي في كل وقت وزمان إلى يوم القيامة ، فهو عموم يقتضي بعثته لجميع الناس ، وعموم في الزمان ، كما جاء في آية أخرى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)) [الأنبياء : ٢١ / ١٠٧]. وقال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) [سبأ : ٣٤ / ٢٨] وقال سبحانه : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [الأنعام : ٦ / ١٩] أي وأنذر به كل من بلغه. وقال جل جلاله : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١)) [الفرقان : ٢٥ / ١].
وأكدت الأحاديث النبوية الثابتة عموم الرسالة الإسلامية وعالميتها ، مثل حديث الصحيحين والنسائي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، منها : وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة». أي فكان كل نبي يبعث إلى فرقة خاصة دون العموم.
وأردف الله تعالى بيان العموم بما يقتضي الإذعان له ، وهي أنه مالك السماوات والأرض بالخلق والإبداع ، والإحياء والإماتة ، لا إله هو ، ولا معبود سواه.
تضمنت هذه الآية عناصر العقيدة الثالثة : وهي توحيد الربوبية بالإيمان ، وتوحيد الألوهية بالإيمان والعمل ، أي بعبادة الله وحده ، ثم الإيمان برسالة النبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، ثم الإيمان بالبعث بعد الموت ، وذلك معنى والإحياء والإماتة.