وحكم الله بين عباده نوعان : حكم يوحي به إلى رسله ، كما في قوله تعالى في أول سورة المائدة : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) وحكم يفصل فيه بين الخلائق إما في الدنيا وإما في الآخرة ، كما في قوله تعالى في آخرة سورة يونس : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ).
وحكم الله مبرم ، لا رادّ له ، ولا نقض له ولا تراجع عنه ، فهو حكم نهائي حاسم ، وكفى بذلك تهديدا وإنذارا للعصاة والكفار ، حيث لا عدول عن حكم الله الباتّ فيهم. نسأل الله العفو والعافية.
مصير قوم شعيب
لم يقتصر شعيب عليهالسلام على مجرد عرض دعوته السّمحة : دعوة الإنقاذ ، وإنما كان يحاور القوم ويحاول إقناعهم بشتى الوسائل ، حتى يعودوا لطريق الاستقامة ، والإقلاع عن عقيدة الوثنية والشّرك وإصلاح النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم بين القوم على الظلم والغبن والاستغلال وإنقاص المكيال والميزان ، ولكنهم أصرّوا على ما هم عليه من الضّلال ، فعوقبوا بالاستئصال والزّلزلة. قال الله تعالى :
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (٨٨) قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (٨٩) وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ (١) (٢)
__________________
(١) احكم واقض بيننا.
(٢) الزّلزلة الشديدة.