وقوله تعالى : (وَرُسُلِهِ) ؛ قرأ الحسن : (ورسله) بسكون السين لكثرة الحركات ؛ (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ؛ أي لا نفعل كما فعل أهل الكتاب آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض. وفي مصحف عبد الله : (لا يفرّقون بين أحد من رسله). وقرأ جرير بن عبد الله وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر ويعقوب : (لا يفرّق) بالياء ، بمعنى لا يفرّق الكلّ ، ويجوز أن يكون خبرا عن الرسول. وقرأ الباقون بالنون على إضمار القول ؛ تقديره : قالوا لا نفرّق ، كقوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ)(١) ؛ أي يقولون : سلام عليكم.
قوله عزوجل : (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) ؛ أي سمعنا قولك وأطعنا أمرك. وقيل : معنى (وَأَطَعْنا) قبلنا ما سمعنا ؛ بخلاف ما قالت اليهود. وقوله تعالى : (غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (٢٨٥) ؛ أي اغفر غفرانك يا ربّنا. وقيل : معناه : نسألك غفرانك. والأول مصدر ، والثاني مفعول. وقوله تعالى : (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) أي نحن مقرّون بالبعث. ومعنى قوله : (وَإِلَيْكَ) أي إلى جزائك ؛ وهذا كما قال عزوجل حكاية عن إبراهيم عليهالسلام : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ)(٢) أي إلى حيث أمر ربي.
قوله عزوجل : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) ؛ قرأ إبراهيم بن أبي عبلة : (إلّا وسعها) بفتح الواو وكسر السين على الفعل ؛ يريد إلا وسعها أمره.
ومعنى الآية : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً) فرضا من فروضها من صوم أو صلاة أو صدقة أو غير ذلك من حديث النفس ؛ إلا مقدار طاقتها كما قال صلىاللهعليهوسلم لعمران بن الحصين : [صلّ قائما ؛ فإن لم تستطع فقاعدا ؛ فإن لم تستطع فعلى جنبك تومئ
__________________
(١) الرعد / ٢٣ ـ ٢٤.
(٢) الصافات / ٩٩.