ومن نظائر هذه الآية : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)(١) وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٢). ويدلّ على ذلك أن من أحبّ ما يبغضه الله ، أو أبغض ما يحبّه الله كان معاقبا على ذلك وإن لم يعمل إلا بقلبه.
وقال بعضهم : إن الإخفاء في هذه الآية أن يضمر على السّوء ويهمّ به ، ثم لا يصل إليه ولا يتمكّن منه. وهذا القول حسن جدا اختاره جماعة من المفسرين.
قوله تعالى : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ؛) رفعهما أبو جعفر وابن عامر والحسن وعاصم ويعقوب على الابتداء ؛ أي فهو يغفر. ونصبهما ابن عباس على الصرف. وجزمهما الباقون عطفا على (يُحاسِبْكُمْ). قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٨٤) ؛ يعني من المغفرة والعقوبة.
قوله عزوجل : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ ؛) الآية ، لمّا سبق في السورة ذكر أحكام كثيرة أثنى الله على من آمن بها وقبلها ، وقال عزّ من قائل : (آمَنَ الرَّسُولُ) بجميع الأحكام التي أنزلها الله تعالى ، وكذلك المؤمنون كلّهم آمنوا بالله ، وقوله تعالى : (وَمَلائِكَتِهِ ؛) إنّما أتى بالملائكة لأن حيّا من خزاعة كانوا يقولون : الملائكة بنات الله ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [والمؤمنون يقولون : إنّ الملائكة عباد الله].
قوله : (وَكُتُبِهِ ؛) قرأ ابن عباس وعكرمة والأعمش وحمزة والكسائيّ وخلف : (وكتابه) بالألف. وقرأ الباقون (وكتبه) بالجمع ، وهو ظاهر كقوله (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ). وللتوحيد وجهان ؛ أحدهما : أنّهم أرادوا القرآن خاصّة ، والثاني : أنّهم أرادوا جميع الكتب ؛ كقول العرب : كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس ، يريدون الدراهم والدنانير. يدلّ عليه قوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ)(٣).
__________________
(١) البقرة / ٢٢٥.
(٢) النور / ١٩.
(٣) البقرة / ٢١٣.