الرّبا. ثم نزل بعد ذلك (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) وهي آخر آية نزلت ، فعاش رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعدها إحدى وعشرين ليلة ، قال ابن جريج : (تسع ليال). وقال ابن جبير ومقاتل : (سبع ليال). ثم مات يوم الاثنين لليلتين مضت من شهر ربيع الأول حين زاغت الشمس سنة إحدى عشرة من الهجرة (١).
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ؛) قال ابن عباس : (لمّا حرّم الرّبا أباح السّلم) وظاهر الآية على كلّ دين من سلم وغيره. ومعنى الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا) تبايعتم بالنّسيئة إلى وقت معلوم فاكتبوا الدّين بأجله وأشهدوا عليه كيلا تحدّث نفس أحدكم بالطمع في حقّ صاحبه ، ولا يقع شكّ في مقداره ولا جحود ولا نسيان. والدّين : ما كان مؤجّلا ، والعين : ما كان حاضرا.
واختلفوا في هذه الكتابة أنّها فرض أو ندب؟ فذهب أبو سعيد الخدري والحسن والشعبيّ : (أنّ الكتابة والإشهاد على الدّيون الآجلة كانا واجبين بهذه الآية ، ثمّ نسخا بقوله تعالى : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)) (٢). وقال ابن عباس : (لا والله ، إنّ آية الدّين محكمة ما فيها نسخ). وهو قول الربيع وكعب ، وهذا هو الأصحّ ؛ لأن الأمر بالكتابة والإشهاد إنّما ورد مقرونا بقوله : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ،) ويستحيل ورود الناسخ والمنسوخ معا في شيء واحد ، فكأنّ المراد بالأمر الندب.
والفائدة في قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) بيان إعلام وجوب الأجل ؛ فإن جهالة الأجل في المباعات تفسدها. وقال بعضهم : إن الكتابة فرض واجب.
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٣ ص ٣٧٥ ؛ قال القرطبي : «ذكره أبو بكر الأنباري في كتاب (الردّ).». وفي الدر المنثور : ج ٢ ص ١١٦ ؛ قال السيوطي : «أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، ... وذكره».
(٢) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ؛ أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٩٦٣) ، وعن الشعبي في النص (٤٩٦٢ و ٤٩٥٧) ، وفي معناه عن الحسن في النص (٤٩٦٠).