معناه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله وكتبه ورسله وتحريم الربا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فيما بينهم وبين ربهم ، وأتمّوا الصلوات الخمس ، وأعطوا الزكاة المفروضة من أموالهم ، فلهم جزاؤهم وثوابهم في الآخرة (عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) إذا ذبح الموت (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) إذا أطبقت النار على أهلها.
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢٧٨) ؛ قال ابن عباس : (نزلت هذه الآية في نفر من ثقيف ابن مسعود وحبيب وربيعة وعبد ياليل بني عمرو بن عمير الثّقفيّ ، كانت لهم ديون على بني المغيرة ؛ وكان بنو المغيرة يربوهم ، فلمّا ظهر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم على أهل مكّة وضع الرّبا كلّه ، وكان أهل الطّائف قد صالحوا على أنّ لهم رباهم من النّاس يأخذونه ، وما كان عليهم من ربا النّاس فهو موضوع عنهم لا يؤخذ منهم ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [أكتب في آخر كتابهم : أنّ لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم]. فلمّا حلّ الأجل طلبت ثقيف من بني المغيرة رباهم ؛ فقالت بنو المغيرة : ما بالنا نكون أشقى النّاس ؛ وضع الرّبا عن النّاس كلّهم ويؤخذ منّا خاصّة! فقالت لهم ثقيف : إنّا صالحنا على ذلك ، فاختصموا إلى أمين مكّة وهو عتّاب بن أسيد ، فلم يدر ماذا يقضي بينهم ، فكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، فأنزل الله هذه الآية خطابا لثقيف) (١).
ومعناها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) اخشوا الله واتركوا (ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) فإنه لم يبق غير رباكم (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي مصدّقين بتحريم الرّبا فهذا حكمه.
قوله عزوجل : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ؛) أي إن لم تقبلوا أمر الله ولم تقرّوا بتحريم الربا ولم تتركوه ، فاعلموا أنكم كفّار يحاربكم الله ورسوله ؛ أي يعذّبكم الله في الآخرة بالنار ؛ ويعذّبكم رسوله في الدنيا بالسّيف. والإذن : الإعلام ، ومن قرأ (فَأْذَنُوا) أي فأعلموا أصحابكم المتمسكين بمثل ما أنتم عليه : أنّ من عامل بالربا مستحلا له حاربهم الله ورسوله.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٤٩٠١).