صفة الذين ينفقون أموالهم لطلب رضا الله تصديقا وحقيقة. قال الشعبيّ والكلبي والضحّاك : (يعني تصديقا من أنفسهم ، يخرجون الزّكاة طيّبة بها نفوسهم). وقال السديّ وأبو صالح وأبو روق : (معناه ويقينا من أنفسهم ؛ أي على يقين بإخلاف الله عليهم). وقال قتادة : (معناه : واحتسابا ، وقيل : ثقة بالله). وقال مجاهد : (معناه : يتثبّتون). قال الحسن : (كان الرّجل إذا همّ بصدقة ثبت ؛ فإن كان لله أمضاه ، وإن خالطه شكّ أمسك). وقال ابن كيسان : (معناه : إخلاصا وتوطّنا لأنفسهم على طاعة الله). وقال سعيد بن جبير : (وتحقيقا في دينهم).
قوله : (كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ) أي كصفة بستان بمكان مرتفع أصابها مطر كثير شديد ، فآتت ثمرتها ضعفين في الحمل. قال عطاء : (حملت في سنة ما يحمل غيرها في سنتين). وقال عكرمة : (حملت في السّنة مرّتين). قال الفرّاء : (إذا كان في البستان نخل فهو جنّة ، وإذا كان فيه كرم فهو فردوس).
وقرأ مجاهد : (كَمَثَلِ حَبَّةٍ) بالحاء والباء. وقرأ السلمي والعطارديّ والحسن وعاصم وابن عامر : (بِرَبْوَةٍ) بفتح الراء هنا وفي سورة المؤمنين وهي لغة بني تميم. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وابن كثير والأعمش وحمزة والكسائيّ وأبو عمرو ويعقوب وأيوب : (بِربْوَةٍ) بضمّ الراء فيهما ، واختاره أبو عبيدة لأنها أكثر اللّغات وأشهرها. وقرأ ابن عباس وأبو إسحق : (بِربْوَةٍ) بكسر الراء. وقرأ أشهب العقيليّ : (برباوة) بالألف وكسر الراء. وهنّ جميعا للمكان المرتفع المستوي ، والمطر على الرّوابي أشدّ ونبتها أحسن ، وإنما سميت ربوة لأنّها ربت وعلت فغلظت ، من قوله ربى الشيء يربو إذا عظم.
قوله تعالى : (أُكُلَها). قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف ، وقرأ الباقون بضمّ الكاف. والأكل هو الثمر وهو اسم لما يؤكل.
قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ) ؛ أي فطلّ ، والطلّ أضعف المطر مثل الرّذاذ وهو المطر الدائم الصّغار القطر لا يكاد يسيل منه الميازيب ، كذلك