ذلك؟ قال : أن يجيب الله دعاءك ويحيي الموتى بسؤالك. ثمّ انطلق ملك الموت ، فقال إبراهيم : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى. قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ. قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أي ليعلم أنّك تجيبني إذا دعوتك ، وتعطيني إذا سألتك وإنّك اتّخذتني خليلا).
روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [يرحم الله إبراهيم عليهالسلام نحن أحقّ بالشّكّ منه](١) يعني إنّما شكّ إبراهيم أيجيبه ربه إلى ما سأل أم لا؟
قوله تعالى : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ) مختلفة أجناسها وطباعها ليكون أبلغ في القدرة ، وخصّ الطير من سائر الحيوان لخاصيّة الطيران. واختلفوا في تلك الأربعة من الطيور ؛ فقال ابن عباس : (أخذ طاووسا ونسرا وغرابا وديكا). وقال مجاهد وابن جريج : (أخذ غرابا وديكا وطاووسا وحمامة). وعن أبي هريرة : (أنّه أخذ الطّاووس والدّيك والغرنوق والحمامة). وقال عطاء : (أخذ قطاة خضرا وغرابا أسودا وحمامة بيضاء وديكا أحمر).
قوله تعالى : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) قرأ عليّ رضي الله عنه وأبو الأسود والحسن وعكرمة والأعرج وشيبة ونافع وابن كثير وابن عامر وعاصم والكسائيّ وأبو عمرو ويعقوب وأيوب : (فَصُرْهُنَّ) بضمّ الصاد ، معناه : أملهنّ إليك. يقال : صرت الشيء أصوره ؛ أي أملته. ويقال : رجل أصور إذا كان مائل العنق. ويقال : إني إليكم لأصور ؛ أي لمائل مشتاق ، وامرأة صوراء أي مشتاقة مائلة. قال الشاعر (٢) :
الله يعلم أنّا في تلفّتنا |
|
يوم الفراق إلى جيراننا صور |
وقال عطاء والمورج وعطية : (معنى (فَصُرْهُنَّ) أي اجمعهنّ واضممهنّ إليك). يقال : صار يصور صورا إذا جمع. قال أبو عبيد وابن الأنباري : (معنى (فَصُرْهُنَّ) أي قطّعهنّ ومزّقهنّ ، يقال : صار يصير صيرا إذا قطّع ؛ وانصار الشّيء
__________________
(١) رواه البخاري في الصحيح : كتاب الأنبياء : باب قول الله عزوجل : (وَنَبِّئْهُمْ) : الحديث (٣٣٧٢) ، وكتاب التفسير : الحديث (٥٤٣٧).
(٢) البيت في لسان العرب : (صور) : ج ٧ ص ٤٣٩ ، وهو من شواهد النحويين ، قائله أبو إسحق ، إبراهيم بن هرمة ، عاش الفترتين الأموية والعباسية ، (٨٠ ـ ١٧٦) من الهجرة. وهو عند الطبري والقرطبي : (تلفتنا) بدل (تقلبنا) ، وعند الطبري وفي اللسان : (إلى أحبابنا) بدل (إلى جيراننا.