قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٤٠) ؛ أي قادر على النقمة ممن خالف أمره وحكمه فيما حكم على الأزواج.
قوله عزوجل : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (٢٤١) قال سعيد بن جبير وأبو العالية والزهريّ : (المراد بالمتاع في هذه الآية : المتعة ؛ وهي واجبة لكلّ مطلّقة) (١). وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أنّ المتعة تجب للمطلقات كلّهن من طريق الديانة بحكم هذه الآية ؛ ولكن لا يجبر الزوج على المتعة إلا لمطلقة لم يدخل بها ولم يفرض لها مهرا للآية المتقدمة. وقال بعضهم : أراد بالمتاع في هذه الآية نفقة عدّة الطلاق ؛ لأن الله تعالى عطفه على قوله (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) والمراد هناك النفقة والسكنى.
قوله عزوجل : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٢٤٢) ؛ أي مثل هذا البيان (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ) دلائله في المستقبل كما بيّن في الماضي من أمور دينكم ودنياكم ؛ لكي تفهموا ما أمرتم به. ويقال : لكي تكمل عقولكم ؛ فإن العقل الغريزيّ إنّما يكمل بالعقل المكتسب ، وحقيقة العاقل أن يعمل ما افترض عليه ، وحقيقة العمل استعمال الأشياء المستقيمة.
قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ ؛) قال ابن عباس : (وذلك أنّ ملكا من ملوك بني إسرائيل أمر بالخروج إلى قتال عدوّهم ؛ فخرجوا للقتال ثمّ جبنوا وكرهوا القتال ، فقالوا لملكهم : إنّ الأرض الّتي تريدها فيها الوباء فلا تأتها حتّى ينقطع عنها الوباء ، فقال لهم الله : موتوا).
واختلفوا في عددهم ؛ فقال مقاتل والكلبي : (كانوا ثمانية آلاف). وقال أبو روق : (عشرة آلاف). وقال أبو مالك : (ثلاثون ألفا). وقال السديّ : (بضعة وثلاثون
__________________
ـ (١٥٩٢٥). وفي إعلاء السنن : مج ٦ ص ٢٩٠ : النص (٣٣٧٤) ؛ قال التهانوني : «هو مرسل ؛ وكلهم رجال الصحيح ، فالسند صحيح مرسل».
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٣٥٨) عن سعيد بن جبير ، والنص (٤٣٥٩) عن الزهري.