النّشوز والتزيّن والتزوّج بالمعروف إذا لم تكن المرأة حبلى من الميت. وقيل : معناه : (فَإِنْ خَرَجْنَ) بعد انقضاء عدتهن ، (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ.)
وفي معنى رفع الجناح عن الرجال بفعل النساء وجهان ؛ أحدهما : لا جناح عليكم في قطع النفقة إذا خرجن قبل تمام الحول. والثاني : لا جناح عليكم في ترك منعهنّ من الخروج ؛ لأن مقامها حولا في بيت زوجها غير واجب عليها ؛ خيّرها الله تعالى في ذلك إلى أن نسخت بأربعة أشهر وعشر ؛ لأن ذلك لو كان واجبا عليها لكان واجبا على أولياء الزوج منعها من ذلك.
وقوله تعالى : (غَيْرَ إِخْراجٍ) يتضمّن معنيين ؛ أحدهما : وجوب السكنى في مال الزوج ؛ وقد نسخ ذلك. والثاني : حظر الخروج والإخراج ؛ وهو لزوم اللّبث في البيت إلى انقضاء عدتها أربعة أشهر وعشرا ؛ وذلك باق لم ينسخ ، ولا يجوز لها أن تبيت بالليالي في غير منزلها ، ولا يجوز لها أن تتزين ؛ لأن امرأة جاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فقالت : إنّ ابنتي توفّي عنها زوجها وقد اشتكت عينها ؛ أفتكحّلها؟ فرخّص لها ثمّ قال صلىاللهعليهوسلم : [كانت إحداكنّ تجلس في أحلاس بيتها حولا لا تخرج حتّى إذا مرّ بها كلب خرجت ورمته ببعرة ، إلّا على زوج أربعة أشهر وعشرا](١).
عن زينب بنت أبي سلمة قالت : دخلت على زينب بنت جحش حين توفّي أخوها ، فدعت بطيب فمسّته ثمّ قالت : والله ما لي بالطّيب من حاجة غير أنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث ليال ، إلّا على زوجها أربعة أشهر وعشرا](٢). وعن ابن مسعود رضي الله عنه : [أنّ نسوة قتلى أحد شكون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الوحشة ؛ فأمرهم أن يتزاورن بالنّهار ولا يبتن باللّيل إلّا في منازلهنّ](٣).
__________________
(١) الحديث عن زينب بنت أمّ سلمة عن أم حبيبة رضي الله عنهما. والطبراني في المعجم الكبير : مج ٢٣ ص ١٨٩ : الحديث (٤٢٥). والإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ٢٩١.
(٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير : الحديث (٤٢١ ـ ٤٢٤) وإسناده صحيح. وأخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الطلاق : باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا : الحديث (٥٣٣٤ ـ ٥٣٣٦). ومسلم في الصحيح : كتاب الطلاق : باب وجوب الإحداد : الحديث (١٤٨٦ ـ ١٤٨٩).
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى : كتاب العدد : باب كيفية سكنى المطلقة : الحديث