قوله عزوجل : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ؛) أي إذا خفتم من العدوّ ولم يمكنكم أن تقوموا قانتين موفّين حقّ الصلاة ؛ فصلّوا قياما على أرجلكم ؛ وحيثما توجّهتم بالإيماء إذا لم يمكنكم استقبال القبلة وإقامة الركوع والسجود. (أَوْ رُكْباناً) على دوابكم إذا لم يمكنكم استقبال القبلة وإقامة الركوع والسجود ؛ ولم تستطيعوا النّزول فصلوا ركبانا حيثما توجّهت بكم لا عذر لكم في ترك الصلاة حالة الخوف.
وانتصب (رجالا) على الحال. وكان الحسن يقول : (فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) أي قائمين ماشين.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنّهم لا يصلّون وهم يقاتلون أو يمشون ؛ لما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : [أنّه فاته يوم الخندق ثلاث صلوات ، فقضاهنّ على التّرتيب](١). فلولا أنّ الاشتغال بالقتال يفسدها لما ترك الإيماء بها حال القيام.
قوله عزوجل : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (٢٣٩) ؛ أي إذا أمنتم من الخوف فصلّوا لله تعالى كما أمركم قانتين مؤدّين حقوق الصلاة وشرائطها. قوله : (كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) معناه : ما لم تكونوا تعلمونه قبل التعليم.
قوله عزوجل : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) ؛ قال ابن عباس : (نزلت هذه الآية قبل نزول آية المواريث وقبل استقرار العدّة). وكانت المرأة في ابتداء الإسلام إذا احتضر زوجها أوصى لها في ماله بنفقة سنة من طعامها وشرابها وكسوتها وسكناها ، وكان ذلك حظّها من الميراث من مال زوجها ، وإن كانت من أهل المدر سكنت بيت
__________________
(١) الحديث رواه ابن حبان في الإحسان : كتاب الصلاة : باب صلاة الخوف : الحديث (٢٨٩٠) عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ٢٥. والنسائي في السنن : كتاب الأذان : باب الأذان للفائت من الصلوات : ج ٢ ص ١٧. وأخرجه الطبراني في الأوسط : ج ٢ ص ١٢٠ : الحديث (١٢٣٠) عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وفيه محمد ابن كثير الكوفي ، اختلف فيه.