الفرث لا موضع الحرث ؛ وإنما قال الله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) وهذا من لطف كنايات القرآن.
وقال أهل المعاني : معنى الآية : نساؤكم كحرث لكم ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً)(١) أي كنار ؛ والعرب تسمي النّساء حرثا ؛ قال الشاعر :
إذا أكل الجراد حروث قوم |
|
فحرثي همّه أكل الجراد |
يريد امرأتي.
وأنشد أحمد بن يحيى ثعلب :
حبّذا من هبة اللّ |
|
ه البنات الصّالحات |
هنّ النّسل والزّر |
|
وع وهنّ الشّجرات |
يجعل الله لنا في |
|
ما يشاء البركات |
إنّما الأرحام أرض |
|
ون لنا محرثات |
فعلينا الزّرع فيها |
|
وعلى الله النّبات |
قوله تعالى : (أَنَّى شِئْتُمْ) أي كيف شئتم. وقال سعيد بن المسيّب : (هذا في العزل ؛ أي إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا). ودليل هذا ما روي عن عبد الله أنه قال : (تستأمر الحرّة في العزل ؛ ولا تستأمر الأمة) (٢).
وقد وهم بعض الناس في تأويل هذه الآية وتعلّق بظاهرها وجوّز إتيان المرأة في دبرها ؛ وهذا لا يصحّ ؛ لأنّ قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) يقتضي إباحة إتيان المرأة في قبلها ؛ والقول بجواز إتيان المرأة في دبرها باطل. والصحيح : أنه حرام ؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ملعون من أتى المرأة في دبرها](٣).
__________________
(١) الكهف / ٩٦.
(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى : كتاب النكاح : باب من قال يعزل عن الحرّة بإذنها : الأثر (١٤٦٧١) ، والأثر (١٤٦٧٢) عن ابن عمر : [يعزل عن الأمة ، وتستأمر الحرّة].
(٣) أخرجه أبو داود في السنن : كتاب النكاح : باب في جامع النكاح : الحديث (٢١٦٢).