مات ولم يوص لذي قرابته ، فقد ختم عليه بمعصيته) (١). وقيل : لا يجب على أحد وصية ، فإن أوصى فحسن ، وإن لم يوص فلا شيء عليه ، وهذا قول عليّ وابن عمر وعائشة وعكرمة ومجاهد والسديّ.
قال عروة بن الزبير : (دخل عليّ رضي الله عنه على مريض يعوده ؛ فقال : إنّي أريد أن أوصي ، قال عليّ رضي الله عنه : إنّ الله عزوجل قال : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) وإنّما تترك شيئا يسيرا فدعه لعيالك ، فإنّه أفضل) (٢). وروى نافع عن ابن عمر : (أنّه لم يوص ، فقال : أمّا رباعي فلا أحبّ أن يشارك ولدي فيها أحد) (٣). وروي : (أنّ رجلا قال لعائشة رضي الله عنها : إنّي أريد أن أوصي ، قالت : كم مالك؟ قال : ثلاثة آلاف ، قالت : كم عيالك؟ قال : أربعة ، قالت : إنّما قال الله تعالى (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) وهذا شيء يسير فاترك لعيالك) (٤). وقد روي عن عروة بن ثابت قال للربيع بن خيثم : (أوص لي بمصحفك ، فنظر إلى ابنه ، وقال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)) (٥).
قوله تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ) ؛ أي فمن غيّر الوصية من الأوصياء أو الأولياء أو الشّهدة بعدما سمعه ؛ (فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) أي المبدّل بعد الموصي ؛ (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) ؛ لما قاله الموصي ؛ (عَلِيمٌ) (١٨١) ؛ بما فعله الوصيّ. وإنّما ذكّر الوصية وهي مؤنّثة ؛ لأنّها في معنى الإيصاء كقوله : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) ردّه إلى الوعظ ، وقيل : لأنّ الوصية قول فذهب إلى المعنى وترك اللفظ.
__________________
(١) رواه الطبري في جامع البيان : النص (٢١٦١).
(٢) في الدر المنثور : ج ١ ص ٤٢٢ ؛ قال السيوطي : «وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه ، عن عروة».
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٢١٩١).
(٤) في الدر المنثور : ج ١ ص ٤٢٣ ؛ قال السيوطي : «وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي ، عن عائشة : ... وذكره».
(٥) رواه الطبري في جامع البيان : النص (٢١٩٢).