وهذا التأويل على قراءة الياء. وقوله : (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) أي لأن القوة لله جميعا ؛ (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) (١٦٥) ؛ للرؤساء والأتباع من عبدة الأوثان.
وقرأ الحسن وقتادة وشيبة وسلام ويعقوب : (إنّ القوّة لله جميعا وإنّ الله) بالكسر فيهما على الاستئناف. والكلام تامّ عند قوله : (يَرَوْنَ الْعَذابَ) مع إضمار الجواب ؛ كما ذكرنا. وقرأ الباقون بفتحها على معنى بأنّ القوة لله جميعا معطوف على ما قبل. وقيل : على معنى لرأوا أنّ القوة لله جميعا ، أو لأيقنوا.
قوله تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ،) متصل بقوله : (شَدِيدُ الْعَذابِ) أي شديد العذاب وقت تبرّأ المتّبعون من التابعين ، (وَرَأَوُا الْعَذابَ ،) جميعا ودخلوا في النار جميعا وعاينوا ما فيها. قرأ مجاهد بتقديم الفاعلين على المفعولين ؛ وقرأ الباقون بالضدّ. (والتّابعون هم الأتباع والضّعفاء والسّفلة) قاله أكثر المفسرين. وقال السديّ : (هم الشّياطين يتبرّأون من الإنس).
قوله تعالى : (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (١٦٦) ، قال ابن عبّاس ومجاهد وقتادة : (يعني أسباب المودّة والوصلات الّتي كانت بينهم في الدّنيا ، فصارت محبّتهم عداوة). وقال الكلبيّ : (يعني بالأسباب الأرحام). وقال أبو روق : (الحلف والعهود الّتي كانت بينهم في الدّنيا ؛ وتقطّع بينهم الأسباب ؛ أي لا سبب يبقى لهم إلى رحمة الله تعالى بوجه من الوجوه).
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) ؛ أي قال السفلاء والخدم : (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا ؛) أي قالوا : لو أن لنا رجعة إلى الدنيا لتبرأنا منهم كما تبرّأوا منا في الآخرة ، يقول الله تعالى : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ ؛) التي عملوها في الدنيا لغير الله ؛ (حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ) ؛ أي كما أراهم العذاب ؛ وكما تبرأ بعضهم من بعض كذلك يريهم الله أعمالهم التي عملوها في الدنيا لغير الله حسرات عليهم ؛ أي ندمات عليهم كما أراهم تبرّأ بعضهم عن بعض. وقيل : أراد أعمالهم الصالحة التي عملوها. قال السديّ : (ترفع لهم الجنّة فينظرون إليها وإلى تبوّئهم فيها لو أطاعوا الله ، فيقال لهم : تلك منازلكم لو أطعتم الله تعالى ؛