وقرأ حمزة والكسائي وخلف : (وتصريف الرّيح) بغير ألف على الواحد. وقرأ الباقون : (الرّياح) على الجمع. قال ابن عباس : (الرّياح للرّحمة ؛ والرّيح للعذاب) ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا هاجت الريح يقول : [اللهمّ اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا](١).
قوله تعالى : (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ ؛) أي المذلّل ، (بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ؛ سمي سحابا لأنه ينسحب بالسير في سرعة. قوله تعالى : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١٦٤) ؛ أي لعلامات دالة على وحدانية الله لقوم يعرفون لو كانت هذه الأمور إلى اثنين لاختلفا. وقيل : لآيات لقوم يعقلون فيعلمون أنّ لهذه الأشياء خالقا وصانعا. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ويل لمن قرأ هذه الآية ولم يتفكّر فيها ويعتبر بها](٢).
قيل : إنّ السحاب كالمنخل يخرج منه المطر قطرة قطرة ولا تلتقي منه قطرتان في الجوّ ؛ إذ لو خرج منهمرا سيّالا لأغرق ما أتى عليه كما في طوفان نوح عليهالسلام قال الله تعالى في طوفان نوح : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ)(٣).
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) ؛ وهم المشركون. والأنداد : هم الأصنام المعبودة من دون الله ، قاله أكثر المفسرين ، وقال السديّ : (يعني سادتهم وقادتهم الّذين كانوا يطيعونهم في معصية الله) (٤).
قوله تعالى : (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) ؛ أي كحب المؤمنين الله تعالى. يقال : بعت غلامي كبيع غلامك ؛ أي كبيعك غلامك. وأنشد الفرّاء :
__________________
(١) رواه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١١ ص ١٧٠ : الحديث (١١٥٣٣). وفي مجمع الزوائد : ج ١ ص ١٣٥ ـ ١٣٦ ؛ قال الهيثمي : «وفيه حسين بن قيس الملقب ب (حنش) وهو متروك ، وقد وثقه حصين بن نمير ، وبقية رجاله رجال الصحيح».
(٢) أخرجه ابن حبان في الصحيح : كتاب الرقاق : باب التورية : الحديث (٦٢٠) عن عائشة ، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٣) القمر / ١١.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٩٩٧). قال : «قال السدي : (الأنداد من الرجال يطيعونهم كما يطيعون الله ، إذا أمروهم أطاعوهم وعصوا الله».