إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الكبير [ ج ١ ]

276/520
*

تعالى : (وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١٦٠) ؛ أي المتجاوز عن التائبين ، الرحيم بهم بعد التوبة.

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ؛) هذا عامّ في جميع الكفار ؛ (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١٦١) ؛ أما المؤمنون فيلعنوهم في الدنيا والآخرة ؛ وأما الكفار فيلعن بعضهم بعضا في الآخرة كما قال تعالى : (وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)(١). وروي : أن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله ثم الملائكة والناس أجمعون.

وقوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ؛) أي في اللعنة والنار مقيمين. وقيل : إن اللعنة هنا النار ؛ لأن اللعنة هي إبعاد الله من رحمته وذلك عذابه. قوله تعالى : (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (١٦٢) ؛ أي ولا هم يمهلون ويؤجلون. قال أبو العالية : (لا ينظرون فيعتذرون).

قوله عزوجل : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (١٦٣) ؛ قال الكلبيّ : (نزلت هذه الآية في كفّار مكّة ، قالوا : يا محمّد صف لنا وانسب لنا ربّك ، فأنزل الله سورة الإخلاص وهذه الآية) (٢). وقال الضّحاك : عن ابن عباس : (كان للمشركين في الكعبة ثلاثمائة وستّون صنما يعبدونهم من دون الله إفكا وإثما ، فدعاهم الله إلى توحيده والإخلاص في عبادته ، فقال : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ)(٣). ويقال : نزلت هذه الآية في صنف من المجوس ؛ ويقال لهم : الملكانية ، يقولون : هما اثنان : خالق الخير ، وخالق الشر.

__________________

(١) العنكبوت / ٢٥.

(٢) أصل قول الكلبي ما روي عن أبي بن كعب : أن المشركين قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : انسب لنا ربّك؟ فأنزل الله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ). أخرجه الترمذي في الجامع : كتاب التفسير : الحديث (٣٣٦٤) موصولا ومرسلا.

(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٢ ص ١٩٠ ؛ قال القرطبي : «لما حذّر تعالى من كتمان الحق ، بيّن أن أول ما يجب إظهاره ولا يجوز كتمانه أمر التوحيد ، ووصل ذلك بذكر البرهان وعلم طريق النظر ، وهو الفكر في عجائب الصنع ، ليعلم أنه لا بد له من فاعل لا يشبهه شيء».