الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ؛ القرآن والفقه والمواعظ ومعرفة التأويل والسّنة ؛ (وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (١٥١) ؛ من الأحكام وشرائع الإسلام وأقاصيص الأنبياء وأخبارهم ما لم تكونوا تعلمون قبل إرساله ؛ ونعمتي بهذا الرسول محمّد صلىاللهعليهوسلم.
قوله عزوجل : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ؛) متصل بما قبله ؛ أي كما أنعمنا عليكم برسالة رجل ؛ أي منكم إليكم فاذكروني. ومعنى الآية : قال ابن عبّاس : (تذكروني بالطّاعة أذكركم بمعونتي). وقال ابن جبير : (معناه اذكروني بطاعتكم أذكركم بمغفرتي) (١). وقال الفضيل : (اذكروني بطاعتي أذكركم بثوابي).
روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [من أطاع الله فقد ذكر الله ، وإن قلّ صيامه وصلاته. ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثر صيامه وصلاته وتلاوته القرآن](٢).
وقيل : معناه اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالدرجات والجنان. وقال أبو بكر رضي الله عنه : (كفى بالتّوحيد عبادة ، وكفى بالجنّة ثوابا). وقال ابن كيسان : (معناه اذكروني بالشّكر أذكركم بالزّيادة). وقيل : اذكروني على ظاهر الأرض أذكركم في بطنها.
وقال الأصمعي : (رأيت أعرابيا واقفا يوم عرفة بعرفات وهو يقول : إلهي عجّت إليك الأصوات بضروب اللّغات يسألونك الحاجات ، وحاجتي إليك أن تذكرني عند البلاء إذا نسيني أهل الدّنيا). وقيل : معناه : اذكروني في الدنيا أذكركم في العقبى. وقيل : اذكروني بالطاعات أذكركم بالمعافاة ، دليله قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)(٣).
وقيل : معناه اذكروني في الخلاء والملأ أذكركم في الخلاء والملأ. بيانه : ما روي في الخبر : أن الله تعالى قال في بعض الكتب : [أنا عند ظنّ عبدي بي ، فليظنّ بي عبدي
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٩١٧) بلفظ : (اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي).
(٢) في الدر المنثور : ج ١ ص ٣٦١ ؛ قال السيوطي : «وأخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان».
(٣) النحل / ٩٧.