يعني : والفرقدان أيضا يفترقان. وقال آخر (١) :
ما بالمدينة دار غير واحدة |
|
دار الخليفة إلّا دار مروانا |
يعني : ولا دار من دار وإنما حسن ذلك بعد قوله غير واحدة.
قوله عزوجل : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ؛) أي لا تخشوا الكفار في انصرافكم إلى الكعبة ؛ وفي تظاهرهم عليكم في المحاجة والمحاربة فإني وليكم أظهركم عليهم بالحجة والنصر ، واخشوني في تركها ومخالفتها. قوله تعالى : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٠) ؛ عطف على قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) أي ولكي أتم نعمتي عليكم بهدايتي إياكم إلى قبلة إبراهيم عليهالسلام فيتم لكم الملّة الحنيفية (٢) ، وقال علي كرّم الله وجهه : (تمام النّعمة الموت على الإسلام). وروي عنه أنه قال : (النّعم ستّ : الإسلام ، والقرآن ، ومحمّد صلىاللهعليهوسلم ، والسّنن ، والعافية ، والغنى عمّا في أيدي النّاس). قوله تعالى : (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي لكي تهتدوا من الضلالة.
قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً) ؛ هذه الكاف للتشبيه وتحتاج إلى شيء يرجع إليه. واختلفوا ؛ فقال بعضهم : هو راجع إلى ما قبله ؛ تقديره : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) كما أرسلت فيكم رسولا ، (مِنْكُمْ) ، فيكون إرسال الرسل مؤذنا بإتمام النعمة. والآية خطاب للعرب ؛ أي ولأتمّ نعمتي عليكم كما ابتدأت النعمة بإرسال رسول منكم إليكم ؛ لأن اختياره من العرب نعمة عظيمة وشرف لهم ، واستدعاء إلى الإسلام ؛ لأنه لو اختاره من العجم لكانت العرب مع عزمها ونجوتها لا تتبعه.
قوله تعالى : (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا) ، يعني القرآن ؛ (وَيُزَكِّيكُمْ) ؛ أي يصلحكم بأخذ زكاتكم ؛ ويأمركم بأشياء تكونوا بها أزكياء ؛ (وَيُعَلِّمُكُمُ
__________________
(١) هو للفرزدق ، وأراد مروان بن الحكم. عن شرح الشواهد.
(٢) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : [تمام النّعمة دخول الجنّة والنّجاة من النّار]. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢٠ ص ٤٨ : الرقم (٩٧ و ٩٨) وإسناده حسن ؛ قاله الترمذي في الجامع : الحديث (٣٥٢٧).