قوله تعالى : (وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) ؛ أي لنا ديننا ولكم دينكم. وهذه الآية منسوخة بآية السّيف. وقوله تعالى : (وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) (١٣٩) ؛ أي موحّدون. قال عبد الواحد بن زيد : سألت الحسن عن الإخلاص ما هو؟ قال : سألت حذيفة عن الإخلاص ما هو؟ قال : سألت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عن الإخلاص ما هو؟ قال : [سألت جبريل عن الإخلاص ما هو؟ قال : سألت ربّ العزّة عن الإخلاص ما هو؟ فقال : سرّ من سرّي أودعته قلب من أحببت من عبادي](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [ما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من علم الله تعالى].
وقال سعيد بن جبير : (الإخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله لله ولا يشرك به في دينه ولا يرائي بعمله أحدا). وقال الفضيل : (ترك العمل من أجل النّاس رياء ، والعمل من أجل النّاس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله منهما). وقال يحيى بن معاذ : (الإخلاص تمييز العمل من العيوب كتمييز اللّبن من الفرث والدّم). وقال بعضهم : هو ما لا يكتبه الملكان ؛ ولا يفسده الشيطان ؛ ولا يظلم عليه الإنسان. وقيل : هو أن لا تشوبه الآفات ؛ ولا تتبعه رخص التأويلات. وقيل : هو أن تستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن. وقيل : هو أن يكتم حسناته كما يكتم سيّئاته. قال أبو سليمان : (للمرائي ثلاث علامات : يكسل إذا كان وحده ؛ وينشط إذا كان في النّاس ؛ ويزيد في العمل إذا أثني عليه).
قوله تعالى : (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ ،) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ وخلف وحفص بالتاء للمخاطبة التي قبلها (قل أتحاجّوننا) والتي بعدها : (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ). وقرأ
__________________
(١) في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين : ج ٦ ص ٢٤٠٣ : الحديث (٣٨٣٢ / ب) ؛ قال العراقي : «رويناه في جزء من مسلسلات القزويني مسلسلا ، يقول كل واحد من رواته : سألت فلانا عن الإخلاص ، وهو من رواية أحمد بن عطاء الجهيمي عن عبد الله بن زبد عن الحسين عن حذيفة عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن جبريل عن الله تعالى. وأحمد وعبد الواحد كلاهما متروك ، وهما من الزهاد.
ورواه أبو القاسم القشيري في الرسالة من حديث علي رضي الله عنه بسند ضعيف».