ابن كعب (أو ننسك). وقرأ عبد الله (ما ننسك من آية أو ننسخها). وقرأ سالم مولى حذيفة : (أو ننسكها). وقرأ أبو حاتم : (أو ننسّها) بالتشديد. وقرأ الضحاك : (أو تنسها) بضم التاء وفتح السين. وقرأ سعد بن أبي وقاص : (أو تنساها) بتاء مفتوحة. وعن القاسم بن ربيعة قال : سمعت سعد بن أبي وقّاص يقرأ (أو تنسها) ، فقلت : إنّ سعيد ابن المسيّب يقرأ (أو تنساها) فقال : (إنّ القرآن لم ينزل على آل المسيّب. قال الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوسلم : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى)(١)(وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ)(٢)) (٣).
وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء وابن كثير وأبو عمرو والنخعي : (أو ننسأها) بفتح النون الأولى وفتح السين وبعدها همزة مهموزة ، ومعناها : نتركها ، يقال : نسيت الشيء ؛ إذا تركته ، ومنه قوله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(٤) أي فتركهم. وقيل : معناه نؤخّرها فلا نبدلها ولا ننسخها ، يقال : نسأ الله في أجله ؛ وأنسأ الله في أجله ، ومنه النسيئة في البيع.
قوله تعالى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) أي بما هو أسهل وأنفع وأكثر أجرا ، لا أن آية خير من آية ؛ لأن كلام الله واحد ، وكله خير. (أَوْ مِثْلِها) يعني في المنفعة والثواب. قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٠٦) ؛ أي من النسخ والتبديل. قال الزجّاج : (لفظه استفهام ، ومعناه التوقيف والتقرير) (٥).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي ألم تعلم يا محمد أنّ له ملك السموات والأرض ومن فيهنّ ، وأنه أعلم بوجوه الصلاح فيما يتعبّده من ناسخ ومنسوخ ومتروك وغير متروك. ويجوز أن يكون هذا الخطاب
__________________
(١) الأعلى / ٦.
(٢) الكهف / ٢٤.
(٣) في الحجة في القراءات السبعة : ج ١ ص ٣٦٤ و ٣٦٥ ؛ قال أبو علي الفارسي : «رواه هشيم وأسنده». وهشيم هو ابن بشير بن أبي حازم ، قاسم بن دينار السلمي (١٠٤ ـ ١٨٣) هجرية ، مفسر من ثقات المحدثين ، له كتاب التفسير ، وكتاب السنن في الفقه. وأخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٤٥٥).
(٤) التوبة / ٦٧.
(٥) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ١ ص ١٦٨. وأشار المحقق في الهامش إلى النسخة من المخطوط وقال : (التوقيف والتقرير ، والمراد التوقيف على العلم ، أي قد علمت.