لأنه لو قال ذلك لم يعلم بذلك أن عداوة جبريل تكون كفرا ، بل كان يجوز أن يتوهّم متوهّم أن عداوة جبريل فسقا ولا تكون كفرا ؛ فأزال الله هذا الإشكال.
وفي ميكائيل أربع لغات : ممدود مشبع على وزن ميكاعيل ؛ وهي قراءة أهل مكّة والكوفة والشّام. و (ميكائل) ممدود مهموز مختلس مثل ميكاعل ؛ وهي قراءة أهل المدينة. و (ميكئل) مهموز مقصور على وزن ميكعل ؛ وهي قراءة الأعمش وابن محيصن. و (ميكال) بغير همز ؛ وهي قراءة أبي عمرو.
و (ميكائيل) معناه عبد الله. (ميك) عبد ؛ و (ايل) هو الله. وكذلك (إسرائيل) وهذه أسماء أعجميّة رفعت إلى العرب فلفظت بها ألفاظ مختلفة. فإنّما عطف جبرائيل وميكائيل على الملائكة بعد دخولهما في اسم الملائكة ؛ لفضيلتهما ، مثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) الآية (١). ومعنى الآية : من كان عدوّا لأحد من هؤلاء فإنّ الله عدوّ له. الواو فيه بمعنى (أو). يعني : من كفر بالله أو ملائكته أو كتبه ؛ لأن الكافر بالواحد كافر بالكلّ.
فقال ابن صوريا : يا محمّد ما جئتنا بشيء نعرفه؟ وما أنزل الله عليك من آية بيّنة! فأنزل الله قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ ؛) أي واضحات مفصّلات بالحلال والحرام ؛ والحدود ؛ والأحكام (٢).
قوله تعالى : (وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) (٩٩) ؛ وهم اليهود وغيرهم ؛ سمّى الكفر فسقا ؛ لأن الفسق الخروج عن الشيء إلى شيء ؛ واليهود خرجوا من دينهم بتكذيب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والفاسقون هم الخارجون عن أمر الله.
__________________
(١) الأحزاب / ٧ : (... وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).
(٢) في الدر المنثور : ج ١ ص ٢٣٢ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس». وأخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان : النص (١٣٥٩). وفي السيرة النبوية لابن هشام : ج ٢ ص ١٩٦ : ما نزل في ابن صوريا ، وهو عبد الله بن صوريا الأعور الفطيوني من أحبار يهود : ج ٢ ص ١٩٨ السيرة النبوية.