في مخلاته ، وكان إذا احتاج إلى الماء ضربه بعصاه) (١).
وقصّة ذلك الحجر ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة ؛ ينظر بعضهم إلى سوءة بعض ؛ وكان موسى يغتسل وحده. فقالوا : ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلّا أنّه أدرّ ، فذهب يغتسل مرّة ؛ فوضع ثوبه على حجر ، ففرّ الحجر بثوبه ، فجمح موسى بأثره يقول : ثوبي يا حجر ثوبي يا حجر ، حتّى نظرت بنو إسرائيل إلى سوءة موسى ؛ فقالوا : والله ما بموسى من بأس فقام بعدما نظر بنو إسرائيل إليه ؛ فأخذ موسى ثوبه فطفق بالحجر ضربا](٢).
قيل : ضربه موسى إثنا عشر ضربة. وكان يظهر على كل ضربة مثل ثدي المرأة ثم يتفجّر بالأنهار المطّردة ، فذلك قوله تعالى : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ،) وفي الآية إضمار واختصار ؛ تقديره : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) ؛ فضرب ؛ (فَانْفَجَرَتْ) أي سالت.
وأصل الانفجار : الانشقاق والانتشار ، ومنه : فجر النّهار ؛ لأنه ينشقّ من الظلام. وأما قوله في موضع آخر : (فَانْبَجَسَتْ)(٣) فالانبجاس : أوّل ما يتقاطر من الماء وينشقّ ، والانفجار حين السيلان. وكان الانبجاس في أول القصة ؛ والانفجار في آخرها. والانبجاس أقلّ من الانفجار. وقال بعضهم : هو حجر أمر الله موسى أن يأخذه من أسفل البحر حين مرّ فيه مع قومه. وقيل : إنه من الجنة.
وقوله تعالى : (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) ؛ أي موضع مشربهم ؛ ويكون بمعنى المصدر مثل المدخل ؛ والمخرج ؛ والمطلع. وكان كل سبط يشربون من عين لا يخالطهم فيها غيرهم للعصبية التي كانت بينهم.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان عن سعيد بن جبير وعبد الله بن الحارث عن ابن عباس : الرقم (٢١٨٨١ و ٢١٨٨٥). ومعنى (أدرّ) : الرجل انتفخت خصيته لتسرّب السائل في غلافها.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٢١٨٨١ و ٢١٨٨٣) تفسير سورة الأحزاب عن ابن عباس ، والنص (٢١٨٨٢ و ٢١٨٨٥) مكرر ، والنص (٢١٨٨٧) وإسناده صحيح. رواه البخاري في الصحيح : كتاب أحاديث الأنبياء : الحديث (٣٤٠٤).
(٣) الأعراف / ١٦٠.