كان ينزل عليهم بلا كلفة ولا مشقّة في الدنيا ولا حساب ولا تبعة في العقبى وهذا كله في التيه.
قوله عزوجل : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ؛) أي قلنا لبني إسرائيل بعد انقضاء التّيه ؛ على لسان يوشع بعد موت موسى وهارون : ادخلوا مدينة أريحا بقرب بيت المقدس ؛ وهي قرية الجبّارين ؛ وكان فيها قوم من بقيّة عاد يقال لهم العمالقة. قال الضحّاك : (هذه القرية يعني الرّملة والأردنّ وفلسطين) (١). وقال مجاهد : (بيت المقدس). وقال مقاتل : (إيليّا).
قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ؛) أي واسعا بلا حساب. وقوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ؛) يعني بابا من أبواب القرية ، وكان لها سبعة أبواب ، وقال : باب مسجد بيت المقدس. (سجّدا) أي ركّعا منحنين متواضعين. وقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ ؛) أي قولوا : مسألتنا حطّة.
قال ابن عباس : (أمروا بالاستغفار). وقيل : أمروا أن يقولوا لا إله إلا الله. وقيل : قولوا إنما قيل لنا حقّ. وقال قتادة : وحطّ عنا خطايانا. وعن ابن عباس أيضا : قيل معناه : قولوا : لا إله إلّا الله ؛ لأنّها تحطّ الذّنوب وما كان يحطّ الذّنوب فيصحّ أن يترجم عنه بحطّة. وذلك أنّهم كانوا قد أذنبوا بإبائهم دخول أريحا ، فلما فصلوا عن التيه أحبّ الله أن يستنقذهم من الخطيئة.
وحطّة : رفع على الحكاية في قول أبي عبيدة. وقال الزجّاج : (تقديره : مسألتنا حطّة) (٢). ومن قرأ (حطّة) بالنصب معناه : حطّ عنا ذنوبنا حطّة.
__________________
(١) نقله أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١ ص ٤٠٩ ، وقال : «وتدمر ...».
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١ ص ٤١٠ ؛ قال القرطبي : «والأئمة من القراء على الرفع. وهو أولى في اللغة ، لما حكي عن العرب في معنى (بدّل) ، قال أحمد بن يحيى : يقال : بدّلته : أي غيّرته ولم أزل عينه ، وأبدلته : أزلت عينه وشخصه. كما نقل النحاس في إعراب القرآن عن أبي النجم قال : عزل الأمير للأمير المبدّل».