قرأ عمر وعثمان وعليّ بغير ألف (الصّعقة). وقرأ ابن عباس : (جهرة) بفتح الهاء وهما لغتان. فلبثوا موتى يوما وليلة.
قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٦) ؛ وذلك أنّهم لمّا هلكوا جعل موسى يبكي ويتضرّع ؛ ويقول : ماذا أقول لبني إسرائيل إذ أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ؛ لو شئت أهلكتهم من قبل وإيّاي ، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ، فلم يزل يناشد ربّه حتى أحياهم الله عزوجل جميعا رجلا بعد رجل ؛ ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون.
فإن قيل : كيف يقبل الله التوبة بعد الموت قبل البعث في دار الدنيا كالانتباه من النوم ؛ لأن الله ردّهم إلى التكليف في الدنيا وأحياهم ليتوفّوا بقية آجالهم وأرزاقهم.
قوله تعالى : (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) ؛ أي في التيه يقيكم حرّ الشمس ؛ وذلك أنّهم كانوا في التيه ولم يكن لهم كنّ (١) يسترهم ؛ فشكوا ذلك إلى موسى ؛ فأنزل الله عليهم غماما أبيض ؛ أي سحابا رقيقا ليس بغمام المطر ؛ لكن أرقّ وأطيب منه ؛ فأظلهم وكان يدلي لهم بالليل عمودا من السماء من نور فيسير معهم بالليل حيث ساروا مكان القمر. فقالوا : هذا الظل قد حصل فأين الطعام ؛ فأنزل الله عليهم المنّ.
قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) ، المنّ ؛ قال مجاهد : (هو شيء كالصّمغ كان يقع على الأشجار ؛ وطعمه كالشّهد). وقال الضحّاك : (هو الزّنجبين (٢)). وقال وهب : (هو الخبز الرّقاق). وقال السديّ : (عسل كان يقع على الشّجر باللّيل. وكان ينزل عليهم هذا المنّ كلّ ليلة ؛ يقع على أشجارهم مثل الثّلج ؛
__________________
(١) الكنّ بالكسر : وقاء كل شيء وستره ، كالكنّة والكنان بكسرهما ، والبيت ، وجمعه أكنان وأكنّة ، وكنّه : ستره ، واستكنّ : استتر.
(٢) الزّنجبين : هو طلّ أكثر ما يسقط بخراسان وما وراء النهر. قاله ابن سينا في القانون في الطب : ج ١ ص ٤٤٣. قال ابن حجر : «هو الطلّ الذي يسقط على الشجر فيجمع ويؤكل حلوا». وقيل : طلّ يقع من السّماء ، هو ندى شبيه بالعسل جامد متحبّب. عن المفردات لابن البيطار.