روي : أن سعيد بن المسيب كان يحلف بالله ما يستثني : ما أكل آدم من الشّجرة وهو يعقل ، ولكن حوّاء سقته الخمر حتى إذا سكن مأربه إليها فأكل ، فلما أكل تهافتت عنهما ثيابهما ؛ وبدت سوءاتهما وأخرجا من الجنّة.
قيل : إن آدم دخل الجنة عند الضّحوة ؛ وأخرج ما بين الصّلاتين ، مكث نصف يوم من أيّام الآخرة ؛ وهي خمسمائة عام.
مسألة : قالت القدرية : إن الجنّة التي أسكنها آدم لم تكن جنّة الخلد ، وإنّما كانت بستانا من بساتين الدّنيا؟ قالوا : لأنّ الجنّة لا يكون فيها ابتلاء ؛ ولا تكليف.
الجواب : أنّا قد أجمعنا على أنّ أهل الجنّة مأمورون فيها بالمعروف ومكلّفون ذلك. وجواب آخر : أن الله قادر على الجمع بين الأضداد ؛ فأري آدم المحنة في الجنّة ؛ وأري إبراهيم النعيم في النار ؛ لئلّا يأمن العبد ربّه ؛ ولا يقنط من رحمته. وليعلم : أن الله له أن يفعل ما يشاء.
واحتجّوا بأن من دخل الجنّة يستحيل عليه الخروج منها. فالجواب : أن من دخلها للثواب لا يخرج منها أبدا ؛ وآدم لم يدخلها للثواب ، ألا ترى أن رضوان وخزّان الجنان يدخلونها ثم يخرجون منها وإبليس كان خازن الجنّة فأخرج منها.
قوله عزوجل : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) ؛ أي قلنا لآدم وحواء وإبليس والحيّة والطاووس : انزلوا إلى الأرض (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) فإبليس عدوّ لآدم وذريته ؛ والحيّة تلدغ ابن آدم ؛ وابن آدم يشدخ رأسها.
قيل : إن إبليس قال لآدم وحوّاء : أيّكما أكل من الشجرة كان مسلّطا على صاحبه ؛ فابتدءا إلى الشجرة ؛ فسبقت حوّاء فأكلت منها ؛ وأطعمت آدم. وقيل : إن آدم قال لها : يا حوّاء ويحك ما تعلمين أن الله قد نهانا عنها. فقالت : أما تعلم سعة رحمة الله ، فأكلت منها وأطعمته.
قيل : إن إبليس لمّا دخل إلى الجنة في فم الحية سأل الطاووس عن الشجرة التي نهى الله آدم وحوّاء عنها ؛ فدلّ عليها. فغضب الله على الطاووس فأهبطه بميسان ؛ وهو موضع بسواد العراق. وأهبط إبليس بساحل بحر إيليّة ؛ وهي مدينة إلى جنب البصرة. وأهبطت الحيّة بأصبهان.