فعلت. فأثنوا عليه ؛ وقالوا : لا نزال بخير ما عشت. فرجع المسلمون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبروه بذلك ، فأنزل الله هذه الآية). ومعناها : وإذا لقوا الذين آمنوا ، أبا بكر وأصحابه ؛ قالوا : أمنّا كإيمانكم.
وقرأ محمد بن السّميقع : (وإذا لاقوا) وهما بمعنى واحد ، وأصل (لقوا) : لقيوا ؛ فاستثقلت الضمّة على الياء فنقلت إلى القاف وسكّنت الواو والياء ، فحذفت الياء لالتقاء السّاكنين.
قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) ؛ أي مع شياطينهم ؛ وهم رؤساؤهم في الضّلالة. قال الأخفش : (كلّ عاقّ متمرّد فهو شيطان). ومعنى (خَلَوْا) أي جمعوا. ويجوز أن يكون من الخلوة ؛ يقال : خلوت به وخلوت معه وخلوت إليه ؛ كلّها بمعنى واحد. قال ابن عبّاس : «(شَياطِينِهِمْ) رؤساؤهم وكبراؤهم وكهنتهم وهم خمسة نفر من اليهود). ولا يكون كاهن إلّا ومعه شيطان ، منهم كعب بن الأشرف بالمدينة ؛ وأبو بردة في بني أسلم ؛ وعبد الدار في جهينة ؛ وعوف بن عامر في بني أسد ؛ وعبد الله بن السّوداء في الشام. والشيطان المتمرّد العاتي من كلّ شيء ؛ ومنه قيل للحيّة النّصناص : شيطان ؛ قال الله تعالى : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)(١) أي الحيّات.
وقوله تعالى : (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) ؛ أي على دينكم وأنصاركم ، قوله عزوجل : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (١٤) ؛ أي بمحمّد وأصحابه بإظهار قول لا إله إلّا الله محمّد رسول الله.
قوله عزوجل : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٥) أي يجازيهم على استهزائهم فسمّى الجزاء باسم الابتداء ؛ إذ كان مثله في الصورة ؛ كقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٢) فسمّى جزاء السيئة سيئة. وقال تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ)(٣) والثاني ليس باعتداء.
__________________
(١) الصافات / ٦٥.
(٢) الشورى / ٤٠.
(٣) البقرة / ١٩٤.