السُّفَهاءُ) ؛ أي هم الجهّال بتركهم التصديق في السرّ ؛ (وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) (١٣) ؛ أنّهم جهّال. وقيل : قالوا : أنصدّق (كما) صدّق الجهال بقول الله تعالى ، (أَلا إِنَّهُمْ.). وقيل : معناه : آمنوا كما آمن عبد الله ابن سلام وغيره من مؤمني أهل الكتاب.
والسّفهاء : جمع سفيه ، وهو البهّات الكذّاب المتعمد بخلاف ما يعلم. وقال قطرب : (السّفيه : العجول الظّلوم القائل خلاف الحقّ) (١).
قوله عزوجل : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) ؛ قال جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس : (كان عبد الله بن أبيّ بن سلول الخزرجيّ عظيم المنافقين من رهط سعد بن عبادة ، وكان إذا لقي سعدا قال : نعم الدّين دين محمّد ، وكان إذا رجع إلى رؤساء قومه من أهل الكفر قال : شدّوا أيديكم بدين آبائكم. فأنزل الله هذه الآية).
وقال الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس ؛ قال : (نزلت هذه الآية في عبد الله ابن أبيّ وأصحابه ، وذلك أنّهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال عبد الله لأصحابه : أنظروا كيف أردّ هؤلاء السّفهاء عنكم؟ فذهب فأخذ بيد أبي بكر رضي الله عنه فقال : مرحبا بالصّدّيق وسيّد بني تميم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. ثمّ أخذ بيد عمر رضي الله عنه ، وقال : مرحبا بسيّد بني عديّ بن كعب الصّادق القويّ في دين الله عزوجل الباذل نفسه وماله لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. ثمّ أخذ بيد عليّ كرّم الله وجهه ؛ فقال : مرحبا يا ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وختنه وسيّد بني هاشم ما خلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال عليّ رضي الله عنه : اتّق الله ولا تنافق ؛ فإنّ المنافقين شرّ خليقة الله. فقال : مهلا يا أبا الحسن ، والله إنّ إيماننا كإيمانكم وتصديقنا كتصديقكم. وفي رواية : والله إنّي مؤمن بالله ورسوله. ثمّ افترقوا ، فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت ، فإذا رأيتموهم فافعلوا كما
__________________
(١) وأصل السّفه من كلام العرب : الرقّة والخفّة ، يقال : ثوب سفيه إذا كان رديء النسج خفيفه أو كان باليا رقيقا. وتسفّهت الريح الشجر : مالت به ، وتسفّهت الشيء : استحقرته. والسّفه ضد الحلم ، والسفيه هنا : هو من أعرض عن الدليل ، ثم نسب التمسّك به إلى السّفاهة. وقد يأتي على معنى من باع آخرته بدنيا غيره فهو السّفيه ، أو من عادى الإسلام. وعلى وجه العموم فإن السفيه الجاهل لضعف الرأي ، القليل المعرفة بمواضع المنافع والمصالح.