بشمال فلسطين سنة ١١٨٧ م. وهكذا الحكام المماليك ـ وعلى رأسهم قطز ، والظاهر بيبرس ـ الذين خلّصوا البلاد الإسلامية من هجمات التتار والمغول ، وهزموهم في معركة عين جالوت بشمال فلسطين سنة ١٢٦٠ م.
وهكذا الحكام الأندلسيون ـ وعلى رأسهم الملك الناصر ـ الذي يشهد له التاريخ جهاده ضد الصليبيين ، وعمارته لكثير من المدن الأندلسية ، والتي ما زالت آثارها قائمة إلى اليوم تشهد له حنكته في إدارته ، وعدله في قضائه ، وإخلاصه في جهاده. وهذا قائد الجيوش الإسلامية عبد الرحمن الغافقي ، والذي يشهد له المستشرقون جهاده وإخلاصه لقيادته ، ومثاليته في حروبه ، وهو الذي ما يزال التاريخ الفرنسي يذكر دخوله جنوب فرنسا ، واستشهاده في معركة بلاط الشهداء في سهل «ثور». وحيث تدرس سيرته في المدارس الفرنسية الآن. وهكذا حكام المرابطين ، والموحدين في الشمال الإفريقي المسلم ، ومنهم يوسف بن تاشفين الذي اعترفت بشخصيته الفذة الفريدة كتب التاريخ ، وسير الأبطال ، وهو الذي وحد الأندلس بعد تفرق حكامها ، وأخّر سقوطها حوالي مائتي سنة ، وبعد أن هزم الصليبيين في معركة الزلاقة. وإنّ مثل هذه الأمثلة لهؤلاء الحكام المسلمين كفيلة لتدحض افتراءات أصحاب هذه الشبهة وغيرها من العلمانيين ، والمستشرقين الذين يدعون أنّه لم يكن هناك حاكم مثالي إلا عمر. وما عمر ـ ونحن نشهد معهم على مثاليته ـ إلّا واحدا يأتي ذكره على رأس هرم هؤلاء الأفذاذ من الحكام.
ونحن بدورنا نناشد كل هؤلاء العلمانيين أن يحتكموا حكمهم على التاريخ إلى شواهد الحقيقة من التاريخ ؛ وأن يستقوا أخبارهم من كتب الثقة ، وضمن شواهد التحري المحكم السليم للأخبار. ولكن ، وللأسف الشديد أن بعض مصادر المسلمين تناولتها شواهد التحريف ، وعدم الثقة ككتاب : الأغاني للأصفهاني. والذي سمّاه البعض «بالنهر المسموم».