حيث قال فيه جدّه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : «إنّ ابني هذا سيد ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» رواه البخاري.
ولو كان معاوية على مثل هذا الانحراف عن العدل في الحكم ، والسوء في الإدارة ، لما تنازل عن الإمامة له الحسن بن علي «رضي الله عنه». وهل يعقل أن يتنازل له عن الإمامة لو كان يحكم بغير الإسلام؟! أو لم يكن مثاليا في حكمه لشريعة الإسلام؟! وهكذا كان معظم الحكام الأمويين ، ومنهم عبد الملك بن مروان ، والوليد بن عبد الملك ؛ شخصيات فذة ، ملأت إصلاحاتهم آفاق الميادين الإسلامية ، وحروبهم في سبيل الله آفاق البلدان المجاورة. وهكذا الحكام العباسيون ـ ومنهم أبو جعفر المنصور ، وهارون الرشيد ـ أصحاب شخصيات فذة ، ملأت الآفاق أعمالهم وجهادهم ، وغمرت البلدان سيرهم في العدالة ، وحسن القضاء ، والتعبد ، والورع. وهذا هارون الرشيد ـ الذي لم يسلم حكمه من شواهد التشويه ، وفساد الإدارة ، وهو من كل ذلك براء كبراء الذئب من دم يوسف. وحيث دافع عنه العلامة ابن خلدون دفاعا رصينا في مقدمته. وهو الذي تتناقض روايات المستشرقين ، والعلمانيين عمّا عرف عنه بتقسيم وقته بين الحج ، والجهاد ، والقضاء.
وهكذا الحكام الحمدانيون ـ ومنهم سيف الدين الحمداني ـ الذي تفنن في قتال الروم ، ومنعهم من تجاوز حدود الدولة الإسلامية.
وهكذا الحكام الزنكيون وعلى رأسهم نور الدين زنكي ـ والملقب بالشهيد ـ والذي شبه بالخلفاء الراشدين في سيرته ، وعدله ، وقضائه ، وجهاده.
وهكذا الحكام الأيوبيون ربائب الزنكيين ـ وعلى رأسهم صلاح الدين الأيوبي ـ الذي ملأ صيته الآفاق ، والأمصار نقاء في الحكم ، وعدلا في القضاء ، وجهادا في القتال. وتكفيه شخصيته الفريدة الفذة فخرا أنّه هو الذي قهر الصليبيين في فلسطين ، وأخرجهم منها ، وخلص بيت المقدس من جبروتهم ، وبعد أن ألحق بهم هزيمة منكرة في معركة حطين