الرأسمالية الديمقراطية الليبرالية في مصر بقصر المدة أيضا. فهو يقول : «إنّها لم تستمر أكثر من ثلاثين سنة «١٩٢٣ ـ ١٩٥٢ م» (١). ويحاسب تجربة باكستان على بضع سنين ، وتجربة السودان على سنة ، أو سنتين. ألا بئس الذنب الكفر بعد الإيمان.
ثالثا : إنّ أصحاب هذه الشبهة من العلمانيين يخطّئون أنفسهم ، ويقعون في شرّ أخطائهم عند ما يقصرون مثالية الحكم الإسلامي في التطبيق على عمر بن الخطاب فقط. ومن الخطأ الفاحش القول : بأنّ عمر بن الخطاب شخصية فذة فريدة لا تتكرر. وهذا القول ـ وكما يعلم العلمانيون أنفسهم ـ يجافي الحقيقة ، ويجانب الصواب فيما يتعلق بالحقائق التاريخية للحكم الإسلامي. ولعل حقدهم الأعمى على الإسلام أنساهم حقيقة تكرار الشخصية العمرية طيلة عهود الدولة الإسلامية. ولعل ضغينة مكرهم أفقدتهم الرؤية الصحيحة حتى عن أجلاء صحابة عمر بن الخطاب نفسه ، وهم الخلفاء الراشدون : وكما يقول دكتور محمد حسين هيكل في كتابه «الصديق أبو بكر» : «أليست هذه بعض معجزات التاريخ؟!! في سنتين وثلاثة أشهر تطمئن أمم ثائرة ، وتصبح أمّة متحدة قوية ، مرهوبة الكلمة ، عزيزة الجانب حتى لتغزو الامبراطوريتين العظيمتين اللتين تحكمان العالم ، وتوجهان حضارته ، لتنهض بعبء الحضارة في العالم قرونا بعد ذلك. هذا أمر لم يسجل التاريخ مثله ، فلا عجب أن يقتضي من أبي بكر مجهودا تنوء به العصبة أولو القوة ... وقد تخطى الستين يوم بويع» (٢).
وتجاهلهم كذلك لمثالية حكم عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ ذو النورين والذي نال رضا الله ، ورضا رسوله ، وكما ورد في الحديث الشريف : «اللهم ارض عن عثمان ، فإني عنه راض» وذلك على أثر شرائه
__________________
(١) د. يوسف القرضاوي : المرجع المشار إليه آنفا. ص ١٨٧. ود. فؤاد زكريا : كتاب : الحقيقة والوهم. ص ١٧١.
(٢) د. محمد حسين هيكل : كتاب الصديق أبو بكر. ص ٩٤٥.